العالمتقاريرفلسطين

أطفال غزّة يقاومون الحرب الجهنمية ببطون خاوية،وخطر المجاعة يهدد حياتهم!

وفي اليوم الـ 86 بعد الـ 75 عاما” من القتل الممنهج والتهجير وسلب الحقوق، يُطل العام الجديد على أهالي فلسطين بمأساة لم يشهد لها مثيل في التاريخ المُعاصر. فالانتهاكات والجرائم التي يرتكبها الكيان الصهيوني الدموي بحق الشعب الفلسطيني، هي جرائم ضد الإنسانية بكل ما للكلمة من معنى، حيث تتعرض غزة للإبادة الجماعية والتطهير العرقي، انتهاكات تجاوزت كل وصف لعدو لا يحيا إلا على قتل الأبرياء إن لم يكن بالآلة العسكرية البربرية فهو بالحصار والتجويع. فمن لم يستشهد بالقصف الجهنمي، يموت إما مرضا” نتيجة لفقدان الأدوية وكل وسائل المعالجة بعد أن قُصفت المستشفيات وأصبحت خارج الخدمة، وإما جوعا” نتيجة الحصار ومنع العدو دخول المواد الغذائية الكافية لأهل القطاع واطفاله. 

هذا الوضع الإنساني الخطير بات ينذر بكوارث لا تُحمد عقباها على المواطنين في غزة الذين يواجهون هذه الحرب الجهنمية ببطون خاوية والتي باتت تنذر بمجاعة حذّرت من مخاطرها معظم منظمات الأمم المتحدة، ولكن آذان القيّمون على هذه المنظمات صماء، بالأخص الولايات المتحدة الأميركية وبعض الدول الغربية التي أعطت الضوء الأخضر للكيان الصهيوني لقتل شعب بكامله تحت شعار “حق الدفاع عن النفس”. 

عطفا” على هذا الوضع الإنساني الخطير، أعلن برنامج التغذية العالمي في تقرير “للتصنيف المتكامل للأمن الغذائي” الصادر في كانون أول/ديسمبر 2023، حذّر فيه من ارتفاع خطر المجاعة في قطاع غزة، والذي يتزايد كل يوم في حال استمر الوضع على ما هو عليه. وذكر التقرير أن أسرة واحدة على الأقل من كل 4 أسر في قطاع غزة، أي 1.2 مليون شخص، يواجهون مستويات كارثية من انعدام الأمن الغذائي الحاد، وهو اعلى مستوى من الإنذار.

كما تشير نتائج التقرير على أن انعدام الأمن الغذائي الحاد يُعرّض جميع الأطفال دون سن الخامسة في قطاع غزة (335 ألف طفل) لخطر الإصابة بسوء التغذية الحاد والوفاة التي يُمكن الوقاية منها مع استمرار خطر المجاعة. 

ووفقا للتصنيف المرحلي المتكامل، هناك خطر حدوث مجاعة خلال الأشهر الستة المقبلة إذا استمر الوضع الحالي من الصراع الشديد وتقييد وصول المساعدات الإنسانية. وحسب تقييمات سابقة، كان خبراء الأمن الغذائي في برنامج الأغذية العالمي قد أجمعوا على أن سكان غزة قد استنفدوا جميع مواردهم، وانهارت سبل عيشهم، ودُمرت المخابز، وأصبحت المتاجر فارغة، ولا تستطيع الأسر العثور على الطعام، وان الناس غالبًا ما يمضون أيامًا كاملة دون تناول الطعام، وأن العديد من البالغين يعانون الجوع حتى يتمكن الأطفال من تناول الطعام.

كما تقدر منظمة اليونيسيف، أنه في الأسابيع المقبلة سيعاني ما لا يقل عن 10.000 طفل دون سن الخامسة من أكثر أشكال سوء التغذية التي تهدد حياتهم، والمعروفة في الهزال الشديد، وسيحتاجون إلى أغذية علاجية، ناهيك عن القلق بشأن تغذية أكثر من 155.000 امرأة حامل وأم مرضعة، بالإضافة إلى أكثر من 135.000 طفل دون سن الثانية، نظرًا لاحتياجاتهم الغذائية الخاصة، والتي تتفاقم بسبب استمرار العدوان على القطاع.

لقد شدد تقرير اللجنة المتكاملة لتصنيف مراحل الأمن الغذائي على “أن هذه الظروف لا يجب أن تستمر، وهناك حاجة فورية إلى وقف لإطلاق نار إنساني فوري ودائم حتى تتمكن الجهات الفاعلة من دعم وتعزيز واستعادة الخدمات الأساسية في جميع أنحاء قطاع غزّة، مما يسمح للأطفال الأكثر هشاشة بتلبية احتياجاتهم الغذائية والصحية الأساسية الذي يشمل توفير الحليب للطفال، والمكملات الغذائية والمغذيات، والأغدية العلاجية الجاهزة للاستخدام للوقاية المبكرة من سوء التغذية الحاد والكشف عنه وعلاجه، فضلا” عن المياه والإمدادات الطبية والوقود، واستئناف الحركة التجارية”. كما أن التقرير أشار إلى الحاجة الملحة لاستعادة البنية التحتية الحيوية، بما في ذلك المستشفيات، حتى يتمكن الأطفال الصغار والنساء الحوامل والمرضى والمصابين من الوصول بأمان إلى العلاج والرعاية المنقذة للحياة.

في السياق وتواليا” لما ذُكر أعلاه، أكدّت منظمة الإغاثة الدولية “أوكسفام” أن 90% من سكان غزة يعانون من الجوع، والبالغ عددهم حوالي 2.3 مليون نسمة، الذين يواجهون الجوع الشديد ويزداد خطر المجاعة يوما” بعد يوم ما لم يتم التوصل إلى وقف لإطلاق النار.

في النهاية، إن ما يؤلم ويُحزن ويُغضب في آن واحد هو أن أهل غزّة وأطفالها يموتون من الجوع والمرض ناهيك عن القصف الذي لا يتوقف، الذي لم يرحم حتى النازحين في مراكز الإيواء، في حين تمتنع الدول المهيمنة على قرارات مجلس الأمن من التصويت لصالح وقف فوري ودائم إطلاق النار والسماح بإدخال المساعدات الغذائية والطبية اللازمة لأهل القطاع وأطفاله، فهو قرار أميركي-صهيوني بدعم غربي بإبادة أهل الغزة بشتى السائل، إن لم يكن قتلا” بالقصف، فهو جوعا” أو مرضا”….. 

ولكن الأكثر إيلاما من كل هذا، هو الصمت العربي، الرسمي والشعبي على ما يتعرض له أهل وأطفال غزة. فالدول العربية التي تٌعتبر “أم الصبي” فيما يتعلق بقضية فلسطين، هي اليوم وفي هذا المنحدر التاريخي، غائبة عن المشهد، إما تواطئا” وإما تخاذلا” وعجزا”، وفي الحالتين يدفع الشعب الفلسطيني الثمن، جراء تخلي أخوته العرب عنه، حيث أمسى أهل فلسطين وأطفالها لقمة سائغة للوحوش الكاسرة التي أطاحت بكل المعايير الأخلاقية والإنسانية، عدا عن فتح المجال لقوى إقليمية للاستثمار بالدم الفلسطيني تحت شعارات رنانة، لم يعد كذبها وريائها ينطلي على أحد.

فإذا كانت المنظمات الدولية عاجزة عن القيام بدورها فيي إنقاذ اهل غزة من خطر المجاعة وانتشار الأمراض نتيجة إعاقة عملها من قِبل الولايات المتحدة الأميركية وبعض الدول الغربية، التي ترفض وقف إطلاق النار وإدخال المساعدات الإنسانية، وفي ظل استمرار العدو الصهيوني عدوانه الدموي الهمجي على القطاع المترافق مع هذا الصمت العربي غير المبرر، فمن  إذا” يحمي  أهل غزّة وينقذ أطفالها من الموت المحتم؟ وهل من المعقول والمقبول ترك حياة هذا الشعب الصابر والقابض على الجرح لمشيئة مجرمي الحرب؟

نعمت بيان – مستشارة المرأة والطفل في المنظمة العربية لحقوق الإنسان في الدول الإسكندنافية

1.https://ar.wfp.org/news/gaza-grapples-catastrophic-hunger-new-report-predicts-famine-if-conflict-continues:

2. https://www.unicef.org/sop/arبيان-من-اليونيسف-حول-خطر-المجاعة-في-قطاع-غزة/البيانات-الصحفية

Show More

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button