العالمتقارير

الأحلاف العسكرية الدولية ودورها على المسرح العالمي

نعمت بيان – مستشارة المرأة والطفل في المنظمة العربية لحقوق الإنسان في الدول الاسكندنافية

3/8/2023

كنا قد تناولنا في مقالة سابقة التكتلات الاقتصادية الدولية ودورها في الإمساك بقبضة الاقتصاد العالمي، واليوم نتطرق إلى أهم الأحلاف العسكرية الدولية – التي لا تقل أهمية عن التكتلات الاقتصادية الدولية إن لم تكن مكملة لها- ودورها في الإمساك بقبضة القرار العسكري/ السياسي على مساحة العالم. وكالعادة ومن باب الصراعات والنزاعات تتشكل أحلاف وأحلاف مضادة تعكس صراع الدول الكبرى على الهيمنة السياسية والعسكرية والاقتصادية. 

إن ظاهرة التحالفات ليست حديثة في السياسة الدولية، فهي قديمة قدم انقسام العالم إلى كيانات سياسية تتصارع فيما بينها، ولكنها في العصور السابقة لم تتضمن قواعد القانون الدولي بشكلها الحالي. وقد كان إنشاء عصبة الأمم في عام 1920 خطوة لإضافة صيغة الشرعية للأحلاف العسكرية، حيث كان من أحد الأهداف الرئيسية للعصبة إنشاء حلف عسكري يتضمن كل دول العالم، التي عبر عنها الرئيس الأميركي ويسلون في مبادئه الأربعة عشر. (المبادئ الأربعة عشر هي بيان لمبادئ السلام كان من المقرر استخدامه في مفاوضات السلام من أجل إنهاء الحرب العالمية الأولى. تم تحديد المبادئ في خطاب ألقاه الرئيس وودرو ويلسون في 8 يناير 1918 حول أهداف الحرب وشروط السلام أمام الكونغرس الأميركي، من بينها حرية التجارة والاتفاقات المفتوحة والديمقراطية وحق تقرير المصير). لكن الرئيس ويلسون تراجع عن هذه المبادئ نتيجة واقع العلاقات الدولية في ذاك الوقت التي لم تتوفر فيها شروط تأسيس حلف موحد على المستوى العالمي. وتطورت طبيعة وشكل الأحلاف مع مرور الزمن مع تطور وتصاعد مجريات الأحداث والحروب على الساحة العالمية، حتى وصلت إلى ما هي عليه اليوم. 

فاللبنة الأولى والأساسية التي وُضعت في تأسيس أحلاف عسكرية، كانت بعد أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها عام 1945 وما سببته من دمار وخراب وإنهاك للدول التي كانت مشاركة في هذه الحرب خاصة الدول الأوروبية، كما أدّت الانقسامات بين محوري الحرب (الحلفاء والمحور)، وحتى بين الحلفاء أنفسهم على خلفية الفشل في تسوية أزمة برلين بين الاتحاد السوفيتي من ناحية والولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا من ناحية ثانية، ناهيك عن فشل منظمة الأمم المتحدة في ضمان الأمن والسلام في العالم، واندلاع الحرب الباردة بين القطب الشرقي بقيادة الاتحاد السوفيتي والقطب الغربي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، إلى أن تلجأ  الدول الكبرى إلى إنشاء احلاف عسكرية وسياسية لضمان الأمن والسلم العالميين. 

تعريف الحلف:

يُعرّف قاموس العلوم السياسية والقانون الدولي الحلف “بأنه علاقة تعاقدية بين دولتين أو أكثر يتعهد بموجبها الفرقاء المعنيون بالمساعدة المتبادلة في حالة الحرب.  ويعبر مصطلح “الحلف” أيضاً عن “الالتزام التعاقدي من النوع السياسي العسكري، المتبادل بين عدد من الدول، الموجّه ضد دولة محدّدة، ولو لم تكن مسمّاة، وتنشئ الأحلاف منظمات لمتابعة تنفيذ الأهداف المتفق عليها، وهي عادة تتسم بالطابع الرسمي، بتوقيع معاهدة، أو اتفاقية، فالحلف يمثل تعبيراً عن مجموعة مصالح مشتركة بين الأطراف المتحالفة“.

أسباب نشوء الأحلاف العسكرية 

في أعقاب الحرب العالمية الثانية، وبعد إنشاء منظمة الأمم المتحدة، ساد مفهوم الأمن الجماعي في السياسة الدولية، ولكن أثبت الواقع صعوبة تنفيذ هذا النظام خصوصاً مع الدول الكبرى التي تهدد الأمن والسلم الدوليين، بسبب منح الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن حق الاعتراض (الفيتو) على أي قرار حتى دون إبداء الأسباب. بذاك أصبح مفهوم الأمن الجماعي في منظمة الأمم المتحدة مقتصر على الدول التي تهدد السلام من دون الدول الكبرى. ولهذا كانت فكرة انشاء الاحلاف العسكرية والمعاهدات ومواثيق الدفاع المشترك بين الدول. 

 ويلخص عالم التحالفات بول شرودر 3 أسباب لقيام الأحلاف العسكرية:

1. التصدي لخطر أو تهديد واجه الدول الأعضاء.

2.تطوير ما يٌعرف بميثاق ضبط النفس للتعامل مع التهديدات.

3.تزويد الدول العظمى بأدوات التحكم بالدول الأضعف.

ولكن ستيفن مارتن والت (أستاذ العلاقات الدولية في جامعة هارفرد)، طور أسباب قيام الأحلاف العسكرية لتشمل 5 أسباب رئيسية هي:

1.توزان القوى، حيث تقوم الدول بالتحالف مع بعضها البعض ضدّ عدو مشترك، كالذي حدث أثناء الحرب العالمية الثانية حيث تحالفت الإمبراطورية الروسية والولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا ضد دول المحور اليابان وألمانيا وإيطاليا، كما تأسس حلف الناتو أيضاً على مبدأ توازن القوى ضد الاتحاد السوفيتي أثناء الحرب الباردة.

2.التعمد، حين تتعرض الدول لهجوم أو خطر خارجي، تلجأ إلى التحالف مع دول أقوى. والتي تكون لها احتمالية أكبر في الفوز، وتعتبر تلك النظرية هي النظرية المضادة لنظرية توازن القوى. مثالا على ذلك: تحالف إيطاليا مع المانيا بداية الحرب العالمية الأولى لأنها كانت تُعتبر الأقوى في أوروبا، ولاحقا” تحالفت إيطاليا مع بريطانيا وفرنسا وروسيا بسبب احتمالية فوزهم على المانيا.

3الأيديولوجية: يٌعتبر تشابه الأيدولوجيات او المصالح المشتركة من اهم دوافع الانضمام إلى الأحلاف، كانحياز روسيا إلى الصرب في الحرب العالمية الأولى نتيجة التشابه الأيديولوجي بينهما. 

4. المساعدات الخارجية: حيث كلما زادت المساعدات الخارجية من دولة لأخرى زادت احتمالية التحالف بين الدولتين، ولكن بهذه الحالة تُصبح الدولة المصدرة للمساعدات مسيطرة على الدولة المتلقية. ومثال على ذلك “خطة مارشال” وهي خطة أميركية لدعم التنمية السياسية والاقتصادية للقارة الأوروبية أعقاب الحرب العالمية الثانية، ولحينه ما زالت أوروبا أسيره السياسة الأميركية.

5الاختراق، حيث كلما زاد اختراق دولة في أنظمة السياسة الداخلية لدول أخرى، زادت احتمالية دخول الدولتين في تحالف بعض النظر عن طبيعة هذا التحالف. وخير دليل على ذلك اختراق اللوبي الصهيوني للأنظمة السياسية في الولايات المتحدة الأميركية وممارسة الضغط عليها من أجل حماية مصالح “إسرائيل”.

أهم الأحلاف العسكرية الدولية

(NATO)1.حلف شمالي الأطلسي – الناتو

الناتو هو أكبر وأهم تحالف عسكري على الساحة الدولية، أُسس عام 1949 من 12 دولة هي: الولايات المتحدة الأميركية، بريطانيا، كندا، فرنسا، بلجيكا، الدانمرك، أيسلندا، إيطاليا، لوكسمبورغ، هولندا، النرويج والبرتغال. والتي تعود فكرة إنشائه لعام 1947 عندما أبرمت المملكة المتحدة وفرنسا اتفاقا” لتحالف مشترك ” معاهدة دون كيرك” ضد أي هجوم محتمل من المانيا أعقاب الحرب.

الهدف من تأسيس هذا الحلف هو مواجهة المدّ السوفياتي في أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية. حيث يشكل الحلف نظاما” للدفاع الجماعي تتفق فيه الدول الأعضاء على الدفاع المتبادل رداً على أي هجوم من قبل أطراف خارجية. 

وجاء في الفقرة الخامسة من المادة الخامسة لميثاق تأسيس الحلف والمتعلقة بالدفاع الجماعي: “تتفق الأطراف على أن أي هجوم مسلح ضد أي عضو أو أكثر في الحلف سواء في أوروبا أو أمريكا الشمالية، يُعد هجوما” ضد جميع أعضاء الحلف. وعلى إثر ذلك، يتفق الأعضاء في الحلف على أنه في حالة وقوع هجوم مسلح يحق لجميع الأعضاء ممارسة حق الدفاع عن النفس بشكل أحادي أو جماعي بموجب المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة لمساعدة العضو أو الأعضاء الذين تعرضوا لهجوم بكافة الوسائل الممكنة فورا سواء بشكل أحادي أو جماعي بما في ذلك استخدام القوة المسلحة لاستعادة الأمن في منطقة شمال الأطلسي والحفاظ عليه“.  وقد تم تفعيل هذه المادة مرة واحدة من قِبل الولايات المتحدة الأميركية أثر هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001.

 يضم التحالف 31 دولة، وسيتسع أكثر بعد طلب العديد من الدول الانضمام إليه (حديثها طلب انضمام فنلندا والسويد إلى الحلف). 

يُذكر أن ثلاثة من أعضاء في حلف الناتو (الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا والمملكة المتحدة) هم أعضاء دائمين في مجلس الأمن الدولي يتمتعون بـ حق الفيتو وهم رسميا دول حائزة للأسلحة النووية.

WARSAW pact 2.حلف وارسو

لم يقف الاتحاد السوفياتي صامتا” حيال انشاء حلف الناتو، حيث جاء الرد بالإعلان عن تأسيس حلف وارسو في 14 آيار/مايو1955 الذي ضم كلًّا من الاتحاد السوفيتي وبولندا وبلغاريا وتشيكوسلوفاكيا وألبانيا والمجر وألمانيا الشرقية، وكان الهدف الرئيس هو تشكيل قوة عسكرية موازنة لقوة الناتو، وتعزيز أمن دول أوروبا الشرقية من أي تهديدات يمكن أن تتعرض لها من قِبل الولايات المتحدة وحلفائها، وخاصة بعد نشر الولايات المتحدة لكميات هائلة من السلاح والعتاد في قلب أوروبا عبر خطوط المواجهة المفتوحة مع الاتحاد السوفيتي، في ظل نظام دولي ثنائي القطبية، ودخول المعسكرين الشرقي والغربي في حرب باردة لم تنته إلا بسقوط الاتحاد السوفيتي عام 1991. كما كان لانضمام المانيا لحلف شمال الأطلسي سببا” إضافيا” وأساسيا” لإنشاء حلف وارسو.

لقد واجه حلف وارسو في الثمانيات من القرن الماضي مشاكل متعلقة بالأزمات الاقتصادية التي واجهت دول أوروبا الشرقية والاتحاد السوفيتي. وفي سبتمبر 1990، أعلنت ألمانيا الشرقية انسحابها من الحلف بهدف إعادة توحيد ألمانيا الشرقية وألمانيا الغربية. وتلاها انسحاب البانيا من الحلف عام 1968 وانضمامها لاحقا” إلى حلف الناتو.

 تفكك الحلف رسميا بعد سقوط الاتحاد السوفيتي عام 1991، عقب انتهاء الحرب الباردة بين المعسكرين الشرقي والغربي، حيث انفردت الولايات المتحدة الأمريكية بالزعامة الدولية، وقُيّد العالم بنظام احادي بهيمنة الولايات المتحدة الأميركية على معظم الأحلاف والمؤسسات الدولية إن كانت عسكرية أو سياسية أو اقتصادية. 

CENTO pact 3.حلف بغداد –

نشأ حلف بغداد في 24 شباط/ فبراير 1955، عندما وقعت كل من العراق وتركيا على ميثاق تعاون مشترك فيما بينهم، وانضم إلى الحلف كل من بريطانيا، إيران وباكستان. انسحبت العراق رسميا من الحلف بعد اندلاع ثورة 1958 وتوقفت عن المشاركة في أنشطة الحلف، وترتب على ذلك نقل مقر الحلف من بغداد في العراق إلى أنقرة بتركيا، وتغيير أسم الحلف من حلف بغداد إلى حلف المعاهدة المركزية في 1959.

SEATO pact 4.حلف جنوب شرق آسيا –

تم إنشاء حلف جنوب شرق آسيا في عام 1955، خلال الحرب الباردة، كحلف عسكري للدفاع والتصدي للمدّ الشيوعي في دول جنوب شرق آسيا. ويعرف الحلف أيضا باسم ميثاق مانيلا، نظرا لأنه وقع في مدينة مانيلا في 1954. نشأ حلف جنوب شرق آسيا كنتيجة مباشرة لانتصار الشيوعية في الحرب الأهلية الصينية وإنشاء دولة الصين الشعبية. ويضم الحلف 8 دول هي: أستراليا، فرنسا، نيوزيلندا، باكستان، الفلبين، تايلاند، المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية.

Rio pact 5.حلف الريو –

تأسس حلف الريو عام 1947 ويعد أقدم حلف تم إنشاؤه عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية، تم توقيع معاهدة حلف الريو في مدينة ريو دي جانيرو في البرازيل وحمل الحلف أسمها. كان الهدف الأساسي وراء تأسيس حلف الريو هو تعزيز الروابط بين دول القارة الأمريكية الجنوبية والولايات المتحدة الأمريكية، وأعتبر الحلف أن أي هجوم على أي دولة من دول القارة الأمريكية هو هجوم على كل دول الحلف. والدول الأعضاء هي: الولايات المتحدة الأمريكية، الأرجنتين، البرازيل، التشيلي، كولومبيا، بوليفيا، كوبا، كوستاريكا، المكسيك، بنما، البيرو، الإكوادور، السلفادور، جمهورية الدومينيكان، غواتيمالا، هايتي، بورجوازي، هندوراس، توباغو، أورغواي، فينزويلا، نيكارغوا، باربادوس وترينيداد. وكانت للولايات المتحدة الأمريكية هدف أساسي من الانضمام إلى الحلف وهو بسط وتوسيع نفوذها في داخل القارة الأمريكية الجنوبية خصوصاً بعد تحررها من الاستعمار البريطاني لفرض وتعزيز نفوذها كقوة عالمية.

6.الاتحاد السوفياتي -الصيني

أدى انتصار الشيوعية في الصين بمساعدة الاتحاد السوفيتي وإعلان قيام دولة الصين الشعبية في 1949، بالإضافة إلى التوافق الإيديولوجي بين الاتحاد السوفيتي وجمهورية الصين الشعبية إلى توقيع معاهدة إنشاء حلف” الإتحاد السوفيتي الصيني” عام 1950، وأطلق عليها (معاهدة الصداقة والتحالف والمساعدة المتبادلة بين اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفيتية وجمهورية الشعب الصينية) لمدة 30 عام. (هذا الاتحاد كان عبارة عن اتفاقية أو معاهدة والتي لم تصل إلى مستوى الحلف العسكري بمعناه الدقيق كحلف الناتو وغيره من الأحلاف العسكرية). وكان الهدف الأساسي من تكوين هذا الحلف/الاتحاد، الوقوف ضد عدو مشترك للدولتين أثناء الحرب الباردة، للحيلولة دون فرض سيطرة اليابان وحليفتها الولايات المتحدة الأمريكية على شرق آسيا. لكن هذا الحلف لم يٌكتب له الاستمرارية، حيث انتهى بعدما تحسنت العلاقات الصينية اليابانية عام 1963 خاصةً عندما أعلن الرئيس الصيني ماو تسي تونغ دعم اليابان لاستعادة جزر الكاريبي اليابانية من الاحتلال السوفيتي عليها، إضافة إلى اشتعال الحرب بين الهند وباكستان عام 1971 ووقوف كل من دول الحلف مع أحد الطرفين، حيث دعم الاتحاد السوفيتي الهند في حين دعمت الصين باكستان، مما أدّى تلقائيا” إلى نهاية هذا الحلف بشكل صامت أي دون الإعلان عن ذلك. 

 الولايات المتحدة الأميركية وسياسة الاحتواء والهيمنة

حاليا” ومع بروز الدور الصيني الكبير على الساحة الاقتصادية الدولية، وتنامي العلاقات الاستراتيجية بين الصين الشعبية وروسيا الاتحادية، وسعي الصين نحو توسيع هيمنتها الاقتصادية على النظام الدولي الراهن، تبنت الولايات المتحدة سياسة احتواء جديدة في مواجهة الصعود الصيني والتمدد الروسي، وفي إطار هذه السياسة كانت الأحلاف العسكرية حاضرة بقوة، باعتبارها من أهم أدوات الردع الاستراتيجي التي تعتمد عليها الولايات المتحدة في المواجهة.  وكانت البداية للدفعة الجديدة من هذه الأحلاف مع “تحالف الحوار الأمني الرباعي” المعروف اختصارًا باسم (كواد)، ويضم كلًّا من الولايات المتحدة واليابان وأستراليا والهند، والذي تأسس عام 2007، لتعزيز أمن واستقرار الدول الأعضاء بالحلف في مواجهة التهديدات الصينية والروسية وخاصة مع انشغال الولايات المتحدة آنذاك بالتدخل العسكري في كل من أفغانستان والعراق. ومن بين الأهداف الأساسية للحلف كذلك احتواء أي تطورات في مضيق تايوان.

ومع تولي الرئيس الأمريكي بادين الإدارة في الولايات المتحدة اتجه إلى تعزيز قدرات التحالف، فعقد قمة رباعية ضمت رؤساء وزراء الدول الأعضاء في واشنطن في سبتمبر/أيلول 2021، ثم عقد الحلف قمة في مدينة طوكيو اليابانية في 24 من مايو 2022، حذّر فيها قادة الدول الأعضاء من أي محاولة لتغيير الوضع القائم بالقوة في المنطقة، في إشارة مباشرة إلى تحركات الصين نحو تايوان.

وبالتوازي مع الأدوار والمهام التي يقوم بها تحالف كواد، جاء تأسيس “تحالف العيون الخمس” بين كل من الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا وأستراليا ونيوزيلندا، والذي يرتبط بعلاقات تنسيقية مع كل من الدنمارك وفرنسا وهولندا والنرويج، ويرتكز نشاطه بدرجة أساسية على التعاون الاستخباراتي والمعلوماتي بين الدول الأعضاء. وفي مايو 2020، وافق التحالف على توسيع دوره من التعاون الأمني والاستخباراتي إلى تناول قضايا حقوق الإنسان ونشر الديمقراطية، وذلك بهدف تقديم الدعم لكل من هونغ كونغ وتركستان الشرقية في مواجهة السياسات الصينية.

وبجانب التحالفين الرباعي والخماسي الغربيين تأسس تحالف ثلاثي آخر، يضم كلًّا من أستراليا وبريطانيا والولايات المتحدة، يُعرف باسم “أوكوس”، وذلك بهدف احتواء الصين في جنوب وجنوب شرق آسيا في مجالات الذكاء الاصطناعي والحرب الإلكترونية والأنظمة تحت الماء وقدرات الضربات البعيدة المدى، وتطوير البنية التحتية للدفاعات النووية. تأسس الحلف في سبتمبر 2021، بتوجيه من الرئيس الأمريكي جو بايدن، وعقد الحلف قمة في أبريل/نيسان 2022، في إطار تنسيق الجهود لمواجهة تداعيات الأزمة الأوكرانية، والتهديدات التي يمكن أن تنجم عنها على المنظومات الغربية.

مشروع أميركي لـ” ناتو الشرق الأوسط”

 كانت لدى الولايات المتحدة الأميركية توجها” يقضي بتأسيس ما يُسمى بـ “ناتو الشرق الأوسط”، الذي يمكن أن يضم عددا” من دول منطقة الشرق الأوسط، الذين يُعتبرون حلفاء لأميركا مثل “إسرائيل”، الأردن، مصر وبعض دول الخليج العربي. طبعا” الهدف ليس فقط مواجهة تهديدات إيران (المتعاونة أصلا” مع الولايات المتحدة الأميركية)، بل لمواجهة التمدد والتوسع الروسي-الصيني في المنطقة، لتبقى الهيمنة بهوية أميركية دون منازع. 

استنتاجا” لما ذُكر أعلاه، يتبين أن للولايات المتحدة الأميركية اليد الطولة في العديد من هذه الأحلاف، او بالأحرى هي مشاركة أو مهيمنة على معظم الأحلاف العسكرية الدولية. فبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، وضعت الولايات المتحدة الأميركية نصب أعينها توسيع نفوذها لمواجهة المد الشيوعي انطلاقا من المكانة التي اكتسبتها من خلال قيادة جيوش الحلفاء. هذا وقد ارتبطت الولايات المتحدة باتفاقيات دفاعية مع 42 دولة ، تحت عنوان “برنامج للأمن المتبادل بين الولايات المتحدة الأميركية وعدد من الدول تضمن برنامجين للمساعدة العسكرية والاقتصادية معا“، ومنطقة الشرق الأوسط كانت من أولى اهتمامات السياسة الخارجية الأميركية، حين تقدمت بمشروع “ايزنهاور” الذي أُعلن في 5 كانون الثاني/يناير 1957، والذي نصّ على ” أن معظم دول الشرق الأوسط كانت في الماضي في حالة تبعية لبريطانيا وفرنسا، وأن الولايات المتحدة الأمريكية ترى أن أمن منطقة الشرق الأوسط كان مكفولاً في الماضي بوجود هذه التبعية , ولكن الحركات الاستقلالية التي تجتاح اليوم منطقة الشرق الأوسط والتي تقضي علي هذه التبعية تستدعي من وجهة النظر الأمريكية إعادة النظر في أمن المنطقة علي ضوء التطورات الجديدة“، فهذا إن دلّ على شيء، فانه يدل على أن الولايات المتحدة الأميركية بنت استراتيجيتها ليس للإمساك بالعديد من الأحلاف لوقف وردع المدّ الشيوعي فحسب بل للسيطرة والهيمنة الأحادية على العالم خاصة بعد انهيار الاتحاد السوفياتي عام 1991. والدور الذي قامت به بعض دول حلف الناتو تحت الغطاء الأميركي في احتلال أفغانستان والعراق لهو دليل ساطع على السطوة الأميركية على مركز القرار لهذه الاحلاف. 

عربيا”

المؤسف هو غياب تحالف عربي موازن للأحلاف الغربية يحفظ كرامة الأرض والانسان العربي، باستثناء أنشاء مجلس الدفاع العربي المشترك التابع للجامعة العربية الذي تأسس عام 1950 لتنسيق دفاع مشترك لجامعة الدول العربية، والتي تنص إحدى بنوده، على ان تعدّ اللجنة العسكرية الدائمة خطط لمواجهة جميع الأخطار المتوقعة أو أي اعتداء مسلح يمكن ان يقع على دولة أو أكثر من الدول المتعاقدة. ولكن بقي الأمر حبر على ورق، فأين نحن من هذه الخطط الدفاعية بعدما حلّ ما حلّ في العديد من الأقطار العربية (فلسطين، العراق، اليمن، سوريا، ليبيا وطبعا” الأحواز العربية المنسية).    

أيضا” كان مجلس التعاون العربي، وهو حلف أُسس في العاصمة العراقية بغداد في 16 شباط/فبراير 1989 عقب انتهاء الحرب العراقية – الإيرانية وخروج العراق منها منتصرا”، والذي ضم كلا” من العراق والأردن واليمن الشمالي (حينها) ومصر. وكان مخططا” لهذا المجلس أن يقوم بدور ريادي على الصعيد السياسي والاقتصادي والعسكري في المنطقة لولا الحروب والاحتلالات التي تعرضت لها العديد من الدول العربية التي أعاقت أو بالأحرى ألغت دور هذا المجلس خاصة بعد احتلال العراق وما تركه من تداعيات على كافة أرجاء أقطار الوطن العربي. بينما الذي حدث في المقابل، هو أن العديد من الأنظمة العربية عقدت تحالفات ومعاهدات واتفاقيات مع المحتل على حساب وحدة وصون الأمن القومي العربي!

في النهاية، أصبحت الأحلاف والأحلاف المضادة ضرورة لإيجاد توازن بين القوى المتصارعة التي وضعت استراتيجياتها لتوسيع مداها العسكري والسياسي والاقتصادي بهدف الهيمنة والنفود، ومع هذه التعددية بين هذه الأحلاف وتداخلها فيما بينها يؤكد على مركزية الأدوار التي تقوم بها في إدارة العلاقات والصراعات على الساحة الدولية.

 إن هذه الأحلاف بشقيها الشرقي والغربي التي أُنشئت تحت شعارات دفاعية  لضمان الامن والسلم العالميين، تجاوزت في معظم الأحيان المعايير الأخلاقية والقوانين الدولية، حيث ساهمت العديد من الدول المنضوية تحت راية هذه الأحلاف بالمشاركة في احتلال بلدان عديدة وتدميرها على كافة الصعد، ومنطقة الشرق الأوسط وتحديدا” المنطقة العربية كان لها النصيب الأكبر من الأذى الذي مارسته هذه الأحلاف، كالذي ارتكبته على سبيل المثال لا الحصر، بعض دول حلف الناتو في أفغانستان والعراق وبالطبع بالتعاون مع بعض الدول الإقليمية التي لا يقل دورها سوء” وخرابا” عما قامت به بعض دول حلف شمالي الأطلسي.

المصادر:

  1. https://www.aljazeeramubasher.net/opinions/2022/7/3د.عصام عبد الشافي الأحلاف-العسكرية-أنماط-متعددة-وأدوار
  2. https://political-encyclopedia.org/dictionaryالأحلاف%20العسكرية
  3. https://www.marefa.orgحلف –
  4. https://ar.wikipedia.org/مجلس-التعاون-العربي
Show More

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button