العالمتقارير

اليد العاملة المهاجرة ودورها في النمو الإقتصادي -فوائد ومخاطر

اليد العاملة المهاجرة ودورها في النمو الإقتصادي 

فوائد ومخاطر

نعمت بيان – مستشارة المرأة والطفل في المنظمة العربية لحقوق الإنسان في الدول الاسكندنافية

8 آيار/مايو 2022

مُنذ الأزمنة الأولى والإنسان في حالة تنقل دائم ، إما طوعياً وإما إجبارياً بحثاً عن سبل عيش أفضل. فالبعض ينتقل لأسباب اقتصادية، والبعض يهاجر للإنضمام إلى أفراد عائلته أو سعيا لتحصيل دراسي. بينما يهاجر البعض الآخر هرباً من الحروب والنزاعات أو الإضطهاد أو الإرهاب أو انتهاكات حقوق الإنسان،  أو بسبب آثار تغيّر المناخ والعوامل الطبيعية والبيئية الأخرى. 

 ولقد تزايدت نسبة الهجرة  بشكل كبير في العصر الحديث نتيجة الحروب والنزاعات  والظروف الأقتصادية الصعبة التي تعيشها العديد من البلدان خاصة في منطقة الشرق الأوسط وشمالي أفريقيا.  حيث أن الملاذ الوحيد كان الهروب من جحيم الحروب وويلاتها. 

وقد أظهرت تقارير الأمم المتحدة عن زيادة هجرة اليد العاملة العالمية بمقدار خمسة ملايين، وحسب تقديرات منظمة العمل الدولية،“أن عدد العمال المهاجرين في العالم ارتفع من 164 إلى 169 مليوناً بين عامي 2017 و 2019، وشكل العمال المهاجرون في عام 2019 زهاء 5% من القوى العاملة العالمية، وهو ما يجعلهم جزء لا يتجزأ من الاقتصاد العالمي، مما يعني أن  العمال المهاجرون  يقدمون مساهمات حيوية لمجتمعات بلدان المقصد واقتصاداتها، وهم يعملون في وظائف أساسية ضمن قطاعات مهمة كالرعاية الصحية والنقل والخدمات والزراعة والصناعات الغذائية”.

الدول المُستضيفة للعمالة المهاجرة

الدول التي استقطبت القوى العاملة هي: دول الخليج العربي، دول الإتحاد الأوروبي، الولايات المتحدة الأميركية، كندا واستراليا. وحسب تقارير منظمة العمل الدولية، أن الدول العربية ومنطقة آسيا والمحيط الهادي تستضيف نحو 24 مليون عامل مهاجر. ويتركز أكثر من ثلثي العمال في البلدان ذات الدخل المرتفع، حيث يمكن استيعاب غالبية العمال المهاجرين . ففي أوروبا وآسيا الوسطى، يوجد 63.8 مليون عامل (37.7%) ، وفي أميركا الشمالية والجنوبية 43.3 مليون عامل (25.6%). وهذا يعني أن دول أوروبا وآسيا والأميركيتين تستضيف مجتمعة 63.3% من جميع العمال المهاجرين في العالم.

دوافع هجرة اليد العاملة 

ارتبطت هجرة اليد العاملة بشكل أساسي بالظروف الاقتصادية للبلدان النامية خاصة التي تعاني البطالة العالية ولديها مستوى معيشي متدني وأجور منخفضة،  وسوء الجودة في شبكات الرعاية الصحية والتعليمية وغيرها العديد من العوامل المُحفزة على الهجرة كونها  الوسيلة ربما الوحيدة والفُضلى لتأمين سبل حياة أفضل وأرقى. وبما أن الدول الصناعية  التي تتمتع بالنمو المتسارع  والتطور السريع تعاني نقصاً بالقوى العاملة، نتيجة تقلّص عدد السكان وانخفاض معدلات  الخصوبة وارتفاع نسبة المسنين ، لجأت إلى استيراد  اليد العاملة الأجنبية لسد النقص في القوى العاملة لديها، بغية ضمان استمرارية الإزدهار الاقتصادي التي بلغته هذه الدول. لذا، تُعتبر هجرة اليد العاملة في الجوهر قائمة على العرض والطلب، حيث تقوم مجتمعات العالم الثالث بعرض ما لديها من وفرة من اليد العاملة التي لا تجد في أوطانها الأصلية فرصاً للعمل تكفي لاستيعابها، في المقابل تستورد  بلدان العالم المتقدم صناعياً  هذا القوى لسد النقص  لديها لتكفل تحقيق مستويات الانتاج المطلوبة. 

ورغم أن الدول االصناعية المقصودة بحاجة لليد العاملة الوافدة،  إلا أن موضوع الهجرة كان ومازال موضع جدل كبير ونقطة خلاف بين الأحزاب والقوى السياسية ( يمين ويسار) في الدول المُضيفة خاصة في العقود الأخيرة التي شهدت نسبة هجرة هي الأعلى على الإطلاق، حيث أن جزء من الناس وأحزاب اليسار تتعاطى إيجابيا مع المهاجرين و متعاطفة معهم، بينما البعض الآخر لديه تصورات خاطئة وبواعث قلق، وخاصة أحزاب اليمن المتطرف، حيث تعتبر هذه الفئات بأن المهاجرين عبء ثقيل على الاقتصاد وعلى هوية البلاد وديمغرافيتها.

دور المهاجرين في النمو الاقتصادي

1.الدول الغربية ( دول الإتحاد الأوروبي، الولايات المتحدة ا لأميركية، كندا واستراليا). 

بحسب التقرير السنوي الذي أصدرته منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في 28 تشريين أول/أكتوبر 2021، أنه “في جميع البلدان، تكون مساهمة المهاجرين التي يدفعونها في شكل ضرائب أكبر من النفقات التي تخصصها هذه الدول للحماية الاجتماعية والصحة والتعليم”

وكما ذُكر أعلاه، إن الدول الغربية التي تتمتع باقتصاديات قوية  بحاجة لليد العاملة نتيجة الإنخفاض في نسبة الولادات، وزيادة عدد المسنين خاصة في القارة الأوروبية والتي أطلق عليها “القارة العجوز”. وهذا ما أكده خبراء الاتحاد الأوروبي ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، حيث اعتبروا أن “القارة المُسنّة” قد تتمكن من تفادي أن تدبّ الشيخوخة في أوصال قطاع القوى العاملة حتى عام 2020، إذا ما استفادت من المهاجرين الموجودين بأكثر درجة ممكنة. وعلى المدى المتوسط والطويل، سيحتاج الإتحاد الأوروبي إلى جذب عدد كبير من العمال من خارج الحدود والتغلب على معارضة الأحزاب السياسية اليمينية المناهضة للمهاجرين.

كما ذكرت دراسة أجرتها مؤسسة “سيتي” ومعهد ” أكسفورد مارتن “، أن الاقتصاديات الكبرى في منطقة التعاون الاقتصادي والتنمية ( أو إب سي دي)، ربما كانت ستخسر المليارات لو لم تكن هناك مساهمات فعالة من المهاجرين في النمو الاقتصادي. وقد قال إيان غولدن ، أستاذ العولمة والتنمية في جامعة أكسفورد ورئيس فريق البحث الذي أعدّ الدراسة، “إن الهجرة كان لها تأثير كبير على النمو الاقتصادي الكلي في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، فعلى سبيل المثال، لو تم تجميد الهجرة في تسعينات القرن الماضي، فإن إجمالي الناتج المحلي الحقيقي للمملكة المتحدة في عام 2014 كان يمكن أن يقلّ بنحو 175 مليار جنيه استرليني، بينما إجمالي الناتج المحلي لألمانيا ربما سيقل بـ 155 مليار يورو. وإن الهجرة قدمت للولايات المتحدة الأميركية مساهمة مادية على المدى الطويل، وأيضاً بالنسبة للنمو الحالي. وأفضل أداء للصناعات والأقاليم في الولايات المتحدة يعتمد بشكل كبير على المساهمة الفعالة للمهاجرين”.

إضافة إلى ذلك، يساهم المهاجرون مساهمة فعالة في زيادة الناتج الوطني الإجمالي للفرد الواحد من خلال الرفع في الإنتاجية، أي الكمية التي ينتجها العمال. وهذا يعدو لكون المهاجر أكثر استعداداً بدخول عالم المقاولات والمشاريع  التجارية. ففي ألمانياعلى سبيل المثال لا الحصر، تصل نسبة المهاجرين الذين يحملون الجنسية الألمانية إلى 44% من المشاريع التجارية الجديدة لعام 2015، وبحسب تقديرات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في فرنسا، تفوق نسبة المهاجرين في الأنشطة التجارية نظرائهم من السكان المحليين بنسبة 29% ، وهي نسبة توازي المعدل العام بالنسبة للمنظمة. وفي الولايات المتحدة الأميركية، يسحب المهاجرون براءات الإختراع 2 إلى 3 أكثر من المواطنين الأصليين.

السويد ومساهمة اليد العاملة المهاجرة في نموها الاقتصادي

حسب  تقارير سويدية ودولية ووفقاً لتقارير منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، أن المهاجرين يحققون فائدة مالية واقتصادية كبيرة للسويد، حيث إن نسبة المهاجرين هي ثلث السكان ، فكل مهاجر يعود عليها بفائدة اقتصادية تقارب 900 يورو سنوياً ، (يُذكر أن عدد سكان السويد 10.000.000 نسمة، عدد المهاجرين ما يقارب 3.000.000 نسمة).

ووفقاً لتقرير لجامعة أوميو عام 2019، قال الباحث فريدرك أندرشون، “أن نسبة مشاركة المهاجرين في الاقتصاد السويدي بلغت أكثر من 900 مليار كرون سويدي منذ أن بدأت السويد في تفعيل برنامج الهجرة إلى السويد“. وأشار التقرير أن السويد التي تعاني من ضعف النمو السكاني، حققت طفرة اقتصادية كان لا بد أن تستمر، ولا يمكن تحقيق ذلك إلا بتحفيز النمو السكاني. لذا ساعد هذا العامل على تطور عجلة الاقتصاد السويدي، كون المهاجر الذي دخل سوق العمل، يدفع الضرائب مثله مثل المواطن الأصيل، وهذا بدوره يعزز عمل الحكومة السويدية لتطوير المجتمع السويدي القائم على الرفاهية ومستوى حياة راقي.

كما أن سويسرا أيضاً وحسب تقرير منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، أكثر البلدان المستفيدة من الهجرة، حيث أن المهاجر يعود عليها بقائدة اقتصادية تصل إلى ما يقارب 14.000 يورو سنوياً مع احتساب ما تنفقه على المساعدات الاجتماعية للمهاجرين.

 فرنسا بدورها، تعتمد بشكل كبير على القوى العاملة المهاجرة، ليس فقط في مجال الخدمات، بل أيضاُ تستقطب أصحاب الكفاءات العلمية، من أطباء واساتذة جامعات واعلاميين وأدباء وغيرهم من مجالات الفكر والمعرفة والاقتصاد ، والذين كان ولا زال لهم دور بارز في نمو العجلة الاقتصادية الفرنسية. 

ولا يقل عن ذلك في الولايات المتحدة الأميركية، التي تعمل على جذب الأدمغة من جميع أنحاء العالم ذوي المهارات العالية الذين يؤدون دوراً عظيماً في التطور العلمي والمعرفي وفي النمو الاقتصادي. وهذا الحال يسري أيضاُ في كندا واستراليا والعديد من دول الإتحاد الأوروبي.

2.العمالة في دول الخليج العربي 

تستقبل بعض دول الخليج العربي مثل الإمارات العربية، قطر، البحرين،  السعودية والكويت أعداداً كبيرة من العمالة الأجنبية ولاسيما تلك القادمة من آسيا. وتُعتبر هذه العمالة الوافدة مكوناً أساسياً في سوق العمل في دول التعاون الخليجي، وذلك عبر الإسهام في المسيرة التنموية من خلال المشاركة في مجالات متنوعة من الأعمال مثل اعمال البناء والمطاعم وخدمة المنازل، بالإضافة إلى تكوين مؤسسات تجارية والمساهمة في العديد من القطاعات الاقتصادية. وتُقدر قيمة التحويلات المالية من الدول الخليجية أكثر من 80 مليار دولار أميركي سنوياً، حيث توفر هذه الأموال المرسلة سبل عيش كريم لملايين العائلات خاصة في القارتين الآسيوية والإفريقية.

تراجع مُلفت لتدفقات هجرة اليد العاملة نتيجة  أزمة جائحة كوفيد-19 وتداعياتها على البلدان المُستقبلة والمُرسلة!

 نُشرت دراسة لخبراء اقتصاديين في صندوق النقد الدولي، عن الأثر الاقتصادي للهجرة على البلدان المُستقبِلة، تبين أن الهجرة بوجه عام تُحسِّن النمو الاقتصادي والإنتاجية في البلدان المُضيفة. 

لكن جائحة كورونا  كما ذُكر أعلاه أدت  إلى توقف مفاجىء في تدفق المهاجرين جراء الإغلاق العام، حيث عززت هذه الحال الشعور العام بالتحفظ والتشكيك بصوابية الانفتاح والتي لها آثار طويلة الأمد على مدى رغبة البلدان في استقبال المهاجرين. ويمكن أن يؤدي تراجع الهجرة وارتفاع البطالة في الاقتصاديات المُستقبِلة إلى الإضرار بالبلدان المُرسِلة، ولاسيما الفقيرة منها، التي تعتمد اعتماداً كبيراً على التحويلات التي يرسلها العمال المهاجرون إلى بلدانهم الأصلية.

كما تشير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في تقريرها إلى أن جائحة كورونا أدت إلى تراجع تدفقات الهجرة في دول المنظمة بأكثر من 30%، ففي عام 2020 انضم 3.7 مليون شخص إلى 25 دولة من الدول الأعضاء، وهو أدنى مستوى مسجل للهجرة منذ عام 2003.  كما تسجل الدراسة كذلك أن الولايات المتحدة الأميركية التي تُعتبر الدولة الرائدة للهجرة في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، سجلت انخفاضاً بنسبة 44% مقارنة بعام 2019، مع 576000 وافد جديد في عام 2020. 

ومن بين البلدان التابعة للمنظمة ، سجلت فرنسا أقل انخفاض ملحوظ (-21%) مع 230.000 مهاجر جديد. وفي هذا الشأن ، توضح الدراسة  أن “الإنخفاض الملحوظ سُجل في الربع الثاني من عام 2020، عندما كانت العديد من البلدان مقفلة. كما ان الهجرة العائلية تراجعت بشكل أساسي، بينما زادت تدفقات الطلاب مع بداية العام الدراسي. غير أنه من المتوقع أن تنتعش هجرة اليد العاملة مجدداً بالنظر إلى النقص الحالي في العمالة في مختلف القطاعات في معظم دول منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية“.

وقد تراجع عدد العمال المهاجرين في البلدان المرتفعة الدخل بينما زاد في مناطق أخرى. في الفترة ما بين عامي 2013 و2017، سجلت البلدان المرتفعة الدخل انخفاضاُ طفيفاً في عدد المهاجرين (من 112.3 مليون شخص إلى 111.2 مليون شخص). وشهدت البلدان المتوسطة الدخل زيادة ( من 17.5 مليون شخص إلى 30.5 مليون شخص).

وهذا النقص في اليد العاملة سبب أزمة لبعض البلدان. كندا على سبيل المثال، تواجه أزمة في اليد العاملة نتيجة تقاعد عدد قياسي من أبناء جيل الطفرة السكانية الذين ولدوا بعد الحرب العالمية الثانية، وفقاً لتعداد سكاني أجري في عام 2021 وصدر حديثاً.

فحسب بياناً لوكالة الإحصاء الكندية “ستاتستكس كندا”، أنه ” لم يحدث أن كان عدد الأشخاص الذين اقتربوا من سن التقاعد بهذا الارتفاع من قبل”، حيث اقترب العدد أكثر من واحد من كل خمس عمال (21.8%) من سن التقاعد الإلزامي البالغ 65 عاماً. كما أعتبر البيان أن ” خروج مجموعة جيل الطفرة من القوة العاملة في البلاد يشكل أحد العوامل وراء نقص اليد العاملة التي تواجه بعض الصناعات في جميع أنحاء البلاد“. وذكرت الوكالة الحكومية في نهاية عام 2021 في تقرير منفصل، أن هناك نحو مليون وظيفة شاغرة في جميع أنحاء كندا، غالبيتها في قطاعات المطاعم والبناء والتمريض.  

وبحسب الإحصاءات فإن 7.000.000 كندي من إجمالي سكان البلاد البالغ عددهم 37 مليوناً وصلوا إلى سن 65 عاماً أو أكثر، ومن المتوقع أن يتضاعف عدد الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 85 عاماً ثلاث مرات إلى 2.7 مليون شخص في العقود القادمة. وقالت وكالة الإحصاء الكندية إن التحول الديمغرافي نحو شيخوخة السكان يعود جزئياً إلى انخفاض معدل الخصوبة.

الأثر الاقتصادي الإيجابي للهجرة على النمو الاقتصادي وسبل حمايته

دون شك، تجلب الهجرة مكاسب كبيرة وعديدة للبلدان المُستقبِلة والمُصدرة على حدٍ سواء ، وتتيح فرص أفضل للحياة للمهاجرين. غير أنها قد تخلق أيضاً تحديات في توزيع الدخل، حيث يمكن أن تقع أضرار اقتصادية على العاملين في البلدان المُستقبِلة في قطاعات سوقية معينة. لذا ينبغي استخدام سياسات المالية العامة وسوق العمل لدعم الدخل واعتماد التدريب اللازم للذين بواجهون صعوبات في سوق العمل. بالإضافة إلى ذلك، فإن السياسات النشطة لسوق العمل والهجرة الوافدة التي تستهدف إدماج المهاجرين، كالتدريب على اللغة وتسهيل اعتماد المسميات المهنية، يُمكن أن تُحسن من نتائج الهجرة في البلدان المُستقبِلة. كما ينبغي تنسيق السياسات على المستوى الدولي لمعالجة التحديات التي تشكلها هجرة اللاجئين. ويتضمن هذا اقتسام تكاليف استضافة اللاجئين ودعم إدماجهم في الاقتصادات الصاعدة والنامية.

 من أهم الإيجابيات لهجرة اليد العاملة ، أن الدول المُصدرة للقوى العاملة تستفيد بشكل كبير من التحويلات المالية التي غالباً تكون إحدى دعائم الاقتصاد لهذه الدول. 

وقد بلغت قيمة التحويلات المالية لتصل إلى 689 مليار دولار أميركي في عام 2018 ، والبلدان الثلاثة الأولى المتلقية للتحويلات هي الهند (78.6 مليار دولار أميركي،  والصين 67.4 مليار دولار والمكسيك 35.7 ملييار دولار) حسب ما أوردته دراسة لمنظمة الهجرة العالمية. ولا تزال الولايات المتحدة أول بلد مُرسل للتحويلات التي يلغت قيمتها 68 مليار دولار ، وتليها الإمارات العر بية المتحدة ( 44.4 مليار دولار أميركي)، والمملكة العربية السعودية (36 مليار دولار أميركي).

كما أن المهاجرين في الاقتصادات المتقدمة يرفعون الناتج والإنتاجية على المديين القصير والمتوسط. إضافة إلى أن زيادة قدوم اللاجئين بنسبة نقطة مئوية واحدة مقارنةً بالعمالة الكلية يرفع الناتج بنحو 1% مع حلول السنة الخامسة من هجرتهم. ويرجع هذا إلى أن العمالة الأصلية والمهاجرة تقدم لسوق العمل مجموعة متنوعة من المهارات يكمل بعضها البعض وتؤدي إلى رفع الإنتاجية. كذلك تشير عمليات المحاكاة التي أجريت إلى أن متوسط دخل السكان الأصليين يستفيد من زيادة الإنتاجية التي يحققها المهاجرون، حتى وإن كانت زيادة متواضعة.

ضغوط وتحديات الهجرة مستقبلاً

أولى التحديات للهجرة المستقبلية هي استمرار الزيادة السكانية في اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية (لا سيما في إفريقيا -جنوب الصحراء) على مدار الثلاثين عاما القادمة ومن المرجح أن تزداد ضغوط الهجرة في اتجاه الاقتصادات المتقدمة. على سبيل المثال، تصاعُد ضغوط الهجرة من إفريقيا والشرق الأوسط إلى أوروبا بين عامي 2020 و 2050. غير أن ضغوط الهجرة العالمية ستظل ثابتة تقريبا عند مستوى 3% من سكان العالم. وسيؤدي ارتفاع الدخل في اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية إلى تخفيض ضغوط الهجرة. ولكن لا ينطبق هذا بالضرورة على البلدان الأفقر، كتلك الواقعة في إفريقيا جنوب الصحراء، حيث قد يؤدي ارتفاع الدخل (وإن ظل في مستوى منخفض) إلى تيسير الهجرة لأعداد أكبر من السكان.  وحسب دراسة لمنظمة العمل الدولية، لا تزال هناك فجوة كبيرة في المستوى المتوسط لإنتاجية اليد العاملة بين الأقاليم المتقدمة والأقاليم النامية، ولا يزال مستوى الإنتاجية في الاقتصادات المتقدمة والأتحاد الأوروبي أكثر بمقدار 14 مرّة من المتوسط في أفريقيا جنوب الصحراء. كما أن هناك ضغوط أخرى ستؤثر أيضا على أوضاع الهجرة. فعلى سبيل المثال، من المتوقع أن يؤدي تغير المناخ إلى زيادة كبيرة في الهجرة الداخلية والإقليمية في اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية. 

ختاماُ، يمكن القول أن الهجرة رفعت مستوى الابتكار والإنتاجية والنمو الاقتصادي، حيث أسهم المهاجرون إسهاماً اجتماعياً-ثقافياً، ومدنياً سياسياً واقتصادياً  كبيراً في بلدان ومجتمعات الأصيل والمقصد على حد سواء، بإعتبارهم عوامل تغيير  إيجابية هامة. ولكن  من جانب آخر، تؤدي الهجرة إلى مخاطر استنزاف الدول النامية بحرمانها من الأيدي العاملة ومن الكفاءات على حد سواء، كما تشكل هجرة الأدمغة وأصحاب الاختصاص خسارة  ثروة حقيقية وكبيرة للبلد المُصدر . 

1.https://www.imf.org/ar/News/Articles/2020/06/19/blog-weo-chapter4-migration-to-advanced-economies-can-raise-growthالهجرة -إلى-الاقتصادات-المتقدمة / فيليب إنغلر-ماكو ماكدونالد-روبرتو بيانيا-غالين شير

2. https://www.france24.com/ar/20141201–أوروبا-العجوز-مهاجرون-اليمين-هجرة

3:ALJAZEERA-جيسن فورمان- استاذ-لممارسة-الاقتصاد-مدرسة-هافارد كينيدي

https://www.centersweden.comالمهاجرين-في-السويد-سبب-هام -لتحفيز-النمو-السكاني

4. https://www.annahar.com/arabic/section/111-

5. https://publications.iom.int/system/files/pdf/wmr-2020-ar.pdf

6. https://news.un.org/ar/story/2021/06/1078902

(The Organization for Economic Cooperation and Development – OECD)

(منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية  ومقرها فرنسا، هي المنظمة الدولية التي تشمل  من 34 دولة من بين الدول المتقدمة التي تتبنى مبادئ الديمقراطية التمثيلية واقتصاد السوق الحرّ والتي يصل نتاجها إلى ثلثي النتاج العالمي). 

Show More

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button