الأمم المضطهدةالعالمتقاريرحقوق الإنسان

كورونا وتداعياته الإجتماعية والإقتصادية

كورونا وتداعياته الإجتماعية والإقتصادية 

19 شباط/فبراير 2021

نعمت بيان –  مستشارة المرأة والطفل في المنظمة العربية لحقوق الإنسان في الدول الإسكندنافية

لم تشهد البشرية وضعا” مماثلا” كالذي نعيشه اليوم جراء انتشار وباء كورونا  العابر للقارات والحدود. لقد غيّر هذا الوباء وجه العالم وفرض على معظم سكان المعمورة نظاما” حياتيا”  استثنائيا” غير مألوف سبّب  في تغيير نسق الحياة الطبيعية للأفراد.  حيث فرض حالة العزل القسري للبشر للحد من إنتشار العدوى التي لم ترحم أحدا”.  هذا الوباء الذي حيّر العلماء وكان ومازال موضع جدل عن كيفية انتشاره وسبل الوقاية منه،   ترك تداعيات خطيرة على الصعد كافة ( إجتماعية، إقتصادية، تربوية،صحية، نفسية وسياسية…)، حيث فرضت معظم دول العالم إجراءات الحجر المنزلي كوسيلة لمنع إنتشار العدوى.

 وقد أدّت هذه الإجراءات الغير عادية إلى تقويض عملية التنمية والجهود المبذولة للتخفيف من حدة الفقر ورفع مكانة المرأة والفتاة. حيث أن هذا الوباء لم يُلْقِ فقط بظلاله الوخيمة على جميع المناطق وجميع البلدان ، بل أيضًا على المجموعة الكاملة لحقوق الإنسان التي نتمتّع بها، سواء أكانت اقتصادية أو اجتماعية أو ثقافية أو مدنية أو سياسية. فاستغلّ كوفيد -19 انقسامات مجتمعاتنا وهشاشتها، وفضح فشلنا في الاستثمار في بناء مجتمعات عادلة ومنصفة. كما سلّط الضوء على ضعف الأنظمة التي لم تركّز بشكل مركزي على دعم حقوق الإنسان حسبما ما اعتبرت المفوضة السامية في الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ميشال باشيليت.

على الصعيد الإجتماعي

لقد كشف كوفيد-19 هشاشة النظم الإجتماعية في بعض الدول وخاصة العربية في التعامل مع حالات الطوارىء كحالة جائحة كورونا وتداعياتها، التي من شأنها تذكير الحكومات بأهمية نظم الحماية الإجتماعية وسبل توفير الأمن الإجتماعي للطبقات الشعبية عامة” والضعيفة خاصة”.

 فقد فرض هذا الوباء الحجر المنزلي الذي شكّل حالة تحد كبيرة للمجتمعات،  حيث غير من سلوك وعادات وهوايات الأفراد  والجماعات. وقد استوى الأمر في بدايته مع فكرة “السجن” لأنه أسس للمكوث الإجباري في المنزل الذي أُتبع بدوره بمنع الخروج  التام من المنزل في ظل ظروف اقتصادية صعبة، ففضلا” عن الإحساس بالملل والوحدة وإنقطاع التواصل مع العالم الخارجي، كلقاء الأهل والأصدقاء والأحبة، أصبح الفرد مكبلا”  بمشاعر الخوف من االعدوى والقلق من فقدان أحبة ومشاعر الغضب والذعر من خسارة العمل نتيجة الإقفال وفقدان المورد الأساسي للعائلة مع غلاء معيشي تجاوز كل التوقعات، نتيجة إستغلال التجار لجائحة كورونا وتحكمهم بالاسعار وإخفاء الكثير من المواد الضرورية والاساسية لبيعها لاحقا” باسعار خيالية دون رقيب أو حسيب كالذي يحصل في “لبنان”. هذا الحال كان له تداعيات خطيرة ، تفشتالخلافات العائلية وازدادت حالات العنف المنزلي وخاصة  ضد المرأة التي كان مجهودها مضاعف، حيث يقع على عاتقها مسؤوليات جمة، بدءا” من الإهتمام بدراسة الأولاد اونلاين وتأمين بيئة هادئة لهم، الى أمور المنزل، والعناية بكبار السن إن وجدوا.

 وان العديد من النساء العاملات والموظفات اضطررن للعمل من المنزل، وهذا شكل لهن مهمة مضاعفة الى مهامهن الطبيعية والأساسية. 

 هذه الحال الغير طبيعية  للأفرادا” والجماعات ستظهر نتائجها لاحقا”حسب ما أكده تقرير صادر عن المنتدى الإقتصادي العالمي بعنوان : 

“الإغلاق هو أكبر تجربة نفسية للعالم……………… وندفع الثمن“. 

وبحسب التقرير ، فإن سكان العالم سيواجهون العديد  من المشاكل النفسية المتعلقة بالغصب والقلق بسبب عزلهم في المنازل. وأشار إلى أنه لا يمكن الخروج من هذه الحالة النفسية إلا من خلال اهتمام السلطات المحلية بالدعم النفسي للسكان خلال الأزمات. 

على الصعيد الإقتصادي:

انعكست آثار كوفيد-19 بشكل مدمر على اقتصادات العالم الذي اصيب بالشلل التام نتيجة عزل الدول ووضعها تحت الحجر الصحي وحظر التجول. فقد أصيبت  قطاعات التعليم والصحة والإمدادات الغذائية، كما أصيب قطاع الإمداد والنقل الجوي بأضرار هائلة، وايضا” طال الضرر قطاعات المال والطيران والسياحة بخسائر فادحة. ناهيك عن إقفال الالآف من المؤسسات وصرف مئات الالآف من الموضفين والعمال مما رفع نسبة البطالة الى معدلات عالية غير مسبوقة، إضافة إلى تضرر سوق البروصات العالمية بسبب تراجع قيمة اأصول المالية للإستثمارات المنجزة مع تزايد أزمة الديون التي ستؤدي ربما” إلى ظهور إفلاس إقتصادي، والذي ستكون لذلك تبعات إجتماعية وضغوط كبيرة على الحكومات لتعزيز الإستقرار الإقتصادي والإجتماعي ودعم النمو لتفادي الدخول في انكماش إقتصادي حاد. لهذا المطلوب إستجابة صحيحة ليس فقط من الحكومات بل أيضا” من الشركات والمؤسسات والأفراد للحد من أي إنكماش اقتصادي محتمل.

في ظل توقعات بأن يرتفع معدل البطالة بمقدار 1.2 نقطة مئوية، حيث انه من المتوقع أن تخسر المنطقة العربية 1.7 مليون وظيفة تقريبا” حسب تقرير إقتصادي للإسكوا. فقد ترك فيروس كورونا أثر على فرص العمل في جميع القطاعات، ولا سيما قطاع الخدمات ، نتيجة اتباع سياسية “التباعد الإجتماعي”. وتقدّر الإسكوا وشركائها أن عدد النساء اللواتي سيفقدن هذه الوظائف يقارب 700 الف، كون مشاركة النساء في القوى العاملة في المنطقة العربية تبلغ ما يقارب 20%، فإن نسبة خسائرهن للوظائف ستتعدى ضعف نسبة خسائر الرجل. إضافة الى اللاجئات والنازحات والعاملات المهاجرات يوجهن ظروفا” شاقة من جراء سوء الخدمات الإجتماعية والصحية وإنعدانم الحماية الصحية ما يزيد من حدة تبعات الوباء عليهن.

الأثر الاجتماعي والاقتصادي لكوفيد-19  (COVID-19) *توصيات في السياسات

رمز الوثيقة: 

E/ESCWA/2020/INF.1

اللجنة الإقتصادية والإجتماعية لغربي آسيا- الإسكوا- الأمم المتحدة

في ظلّ خطر صحي عالمي النطاق وشديد الوطأة على المنطقة العربية، تحوّل ما يُفترض أنّه عقدٌ من العمل الدؤوب من أجل التنمية المستدامة إلى عقدٍ من العمل العاجل من أجل إنقاذ الأرواح وإصلاح سُبل العيش. لقد أشعل فيروس كورونا أزمةً تذكّرنا بأنّ القطاع العام القويّ والفعّال هو خط الدفاع الأول ضدّ المخاطر التي تتهدّد نُظماً بأسرها. تتّسع رقعة الوباء والاقتصادات العربية ترزح بالفعل تحت صراعات متعدّدة وضغوط مالية متفاقمة.

ولاحتواء التهديدات المتزايدة النابعة من انتشاره، ينبغي للجميع في مختلف أنحاء المنطقة العربية العمل معاً للحدّ من انتقال العدوى وخفض حصيلة الوفيات. وينبغي التفكير بالآخرين، لا سيما الأكثر ضعفاً، والعمل لحمايتهم. فيروس كورونا لا يعرف حدوداً. فقد أثّر بشدّة على حياة جميع الناس، من جميع الخلفيات الاجتماعية والاقتصادية، وعلى سُبُل عيشهم. 

تلك حالة طارئة إقليمية تستدعي استجابة إقليمية طارئة. استجابة لا ترمي إلى إنقاذ البلدان أو الصناعات أو المؤسسات المالية في المنطقة، بل إلى إنقاذ آلاف الأرواح. وأيّ مبادرة إنقاذية للقضاء على هذا الوباء يجب أن تتمحور حول رفاه الناس وتضامُن أركان المجتمع، وأن تمكّن الحكومات من معاودة العمل من أجل إقامة عالم آمن وعادل ومزدهر لا يهمل أحداً.

https://www.alaraby.co.uk/%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%AC%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%86%D8%B2%D9%84%D9%8A-%D9%8A%D8%B6%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85-%D8%A3%D9%85%D8%A7%D9%85-%D8%A3%D9%83%D8%A8%D8%B1-%D8%AA%D8%AD%D8%AF%D9%8D-%D9%86%D9%81%D8%B3%D9%8A

https://www.unescwa.org/ar/publications/%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%AB%D8%AA%D9%88%D8%B5%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D8%A7%D8%AA

https://www.france24.com/ar/20200330-%D9%87%D9%84-%D8%AA%D8%B3%D8%AA%D8%BA%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D9%84-

https://www.amadeusonline.org/publications/analyses-covid-19/%D8%AA%D8%AF%D8%A7%D8%B9%D9%8A%D8%A7%D8%A7%D9%84%D8

Show More

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button