الأردنالأمم المضطهدةالإمارات العربية المتحدةالبحرينالجزائرالسعوديةالسودانالعالمالعراقالكويتالمغرباليمنبیانتونسسورياعمانفلسطينقطرلبنانليبيامصر

اليوم الدولي لمساندة ضحايا التعذيب

نعمت بيان – مستشارة المرأة والطفل في المنظمة العربية لحقوق الإنسان في الدول الاسكندنافية 

26/6/2021

26 حزيران/يونيو هو اليوم الدولي لمساندة ضحايا التعذيب التي دخلت فيه اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو غير الإنسانية أو المهينة حيّز التنفيذ في عام 1987. ورغم مصادقة 162 دولة على هذه الإتفاقية، إلا أن معظمها لم تلتزم بنودها، حيث مازالت تمارس التعذيب بكل أشكاله غير آبهة ببنودها،  ومتجاوزة كل القوانين الدولية التي دعت إلى حظره.

التعذيب: جريمة ضد الإنسانية 

يُعد التعذيب من أخطر الانتهاكات التي يتعرض لها الإنسان لما يمثله من امتهان لكرامة الفرد ، وأبشع صور العنف التي يمكن أن تُستخدم ضدّ الإنسان لما تسببه من ألم نفسي وجسدي. ويتم التعذيب لإنتزاع اعتراف أو الحصول على معلومة، وأحيانا يُستخدم لبثّ الخوف والرعب في المجتمع. وأساليبه متعددة، يمكن أن تكون جسدية ، مثل الضرب والجلد والصدمات الكهربائية  أو ذات طبيعة جنسية عبر الإغتصاب أو الإهانة الجنسية، أو عبر التعذيب النفسي.  فالتعذيب حالة قائمة وموجودة منذ وُجد الإنسان الذي تفنن منذ قديم الأزل لتاريخ اليوم في ابتداع أبشع وأقسى أنواع التعذيب. ففي العصور الوسطى على سبيل المثال، أُستخدمت أساليب وأدوات للتعذيب أفظع وأشد إيلاما مما يُستخدم اليوم، ولم يُسهم التطور الحضاري والعلمي للبشرية من منع أو وقف هذا الأسلوب الإجرامي. ففي عصرنا الحديث  ورغم  تجريم التعذيب الذي أقرته المنظمات الأممية من خلال القوانين والإتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان، مازال العديد من دول العالم  تتقاعس عن تجريم التعذيب بإعتباره جريمة محددة في قوانينها الوطنية، ثم لا تزال الحكومات في جميع انحاء العالم تتحدى القانون الدولي بتعذيب الناس، وكثيرا منها ظهر للعلن بشكل مروّع بمشاهد يندى لها الجبين، وسجن أبو غريب في العراق خير دليل على الهمجية المروّعة التي ارتكبها جنود الإحتلال الأميركي في حق المعتقلين العراقيين، حيث كان مسرحاً  لكافة ألوان التعذيب وفنون الرعب وإهانة الكرامات، وشكّل هذا السلوك الفاقد لكل المعايير الإخلاقية والإنسانية، عاراً على دولةً تتبجح بالحريات وصون الحقوق واحترام الإنسان.  وحالات التعذيب في العالم لا تُعد ولا تُحصى، منها على سبيل المثال لا الحصر ، معتقل غوانتانامو في جنوب شرق كوبا، جرائم الإبادة التي ترتكبها الصين بحق أقلية الإيغور المسلمة ، ومعتقل الخيام في جنوب لبنان (إبّان الإحتلال الإسرائيلي) وغيرها الكثير  من المعتقلات السريّة في العالم التي تُمارس فيها أفظع الإنتهاكات والتعذيب.

المعايير والصكوك الدولية

في عام 1948، أدان المجتمع الدولي التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللإنسانية أو المهينة التي تم تحديدها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي اعتمدته الجمعية العامة للامم المتحدة. وفي عام 1975 اعتمدت الجمعية العامة الإعلان المتعلق بحماية الأشخاص من التعرض للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللإنسانية أو المهينة. وخلال الثمانينات والتسعينات، حُقق تقدم في وضع المعايير والصكوك القانونية وفي إنفاذ حظر التعذيب. وأنشأت الجمعية العامة صندوق الأمم المتحدة للتبرعات لضحايا التعذيب في عام 1981 وذلك لتمويل المنظمات التي تقدم المساعدة لضحايا التعذيب وأسرهم. واعتمدت الجمعية العامة اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة في عام 1984 ودخلت حيز التنفيذ في عام 1987. وتتولى تنفيذها بين الدول الأطراف لجنة من الخبراء المستقلين، وهي لجنة مناهضة التعذيب.

 اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللا إنسانية أو المهينة، التي بدأ النفاذ فيها تاريخ 26/6/ 1987، وفقاً لأحكام المادة 27 (1)، التي تنص على التالي :

إن الدول الأطراف في هذه الإتفاقية، إذ  ترى أن الإعتراف بالحقوق المتساوية وغير القابلة للتصرف، لجميع أعضاء الأسرة البشرية هو، وفقا للمبادئ المعلنة في ميثاق الأمم المتحدة، أساس الحرية والعدل والسلم في العالم، وإذ تدرك أن هذه الحقوق تستمد من الكرامة المتأصلة للإنسان، وإذ تضع في اعتبارها الواجب الذي يقع على عاتق الدول بمقتضى الميثاق، وبخاصة بموجب المادة 55 منه، بتعزيز احترام حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، ومراعاتها على مستوى العالم، ومراعاة منها للمادة 5 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمادة 7 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وكلتاهما تنص على عدم جواز تعرض أحد للتعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، ومراعاة منها أيضا لإعلان حماية جميع الأشخاص من التعرض للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، الذي اعتمدته الجمعية العامة في 9 كانون الأول/ديسمبر 1975، ورغبة منها في زيادة فعالية النضال ضد التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية في العالم قاطبة،أصدرت الجمعية العامة اتفافية مناهضة التعذيب التي تتضمن العديد من المواد ، وأهمها:

المادة 1

1.لأغراض هذه الاتفاقية، يقصد “بالتعذيب” أي عمل ينتج عنه ألم أو عذاب شديد، جسديا كان أم عقليا، يلحق عمدا بشخص ما بقصد الحصول من هذا الشخص، أو من شخص ثالث، على معلومات أو على اعتراف، أو معاقبته على عمل ارتكبه أو يشتبه في أنه ارتكبه، هو أو شخص ثالث أو تخويفه أو إرغامه هو أو أي شخص ثالث – أو عندما يلحق مثل هذا الألم أو العذاب لأي سبب من الأسباب يقوم على التمييز أيا كان نوعه، أو يحرض عليه أو يوافق عليه أو يسكت عنه موظف رسمي أو أي شخص آخر يتصرف بصفته الرسمية. ولا يتضمن ذلك الألم أو العذاب الناشئ فقط عن عقوبات قانونية أو الملازم لهذه العقوبات أو الذي يكون نتيجة عرضية لها.
2.لا تخل هذه المادة بأي صك دولي أو تشريع وطني يتضمن أو يمكن أن يتضمن أحكاما ذات تطبيق أشمل.

المادة 2

1.تتخذ كل دولة طرف إجراءات تشريعية أو إدارية أو قضائية فعالة، أو أية إجراءات أخرى لمنع أعمال التعذيب في أي إقليم يخضع لاختصاصها القضائي.
2.لا يجوز التذرع بأية ظروف استثنائية أيا كانت، سواء أكانت هذه الظروف حالة حرب أو تهديدا بالحرب أو عدم استقرار سياسي داخلي أو أية حالة من حالات الطوارئ العامة الأخرى كمبرر للتعذيب.
3.لا يجوز التذرع بالأوامر الصادرة عن موظفين أعلى مرتبة أو عن سلطة عامة كمبرر للتعذيب.

فضائح التعذيب في المنطقة العربية :

يعاني المعتقلون أقسى أنواع التعذيب في معظم  سجون الأنظمة العربية،  ولكن الأكثر قساوة وترويعاً في البلدان  التالية:

 العراق:

كبرى فظائع التعذيب وأبشعها  على الإطلاق هي التي وقعت في سجن أبو غريب عقب الإحتلال الأميركي للعراق.   وماتزال الصور التي عُرضت للعالم عن الأساليب الوحشية الفاقدة لكل المعايير الأخلاقية والإنسانية من قِبل جنود دولة تعتبر نفسها أم الحريات في العالم حاضرة في الأذهان ،  حيث خرجت إلى العلن الإنتهاكات الجسدية والجنسية والإغتصاب والإعتداءات النفسية والقتل وإهانة الكرامات  والإذلال خاصة خلال عرض أجسام المعتقلين عراة وإفلات الكلاب عليهم ، صورة أظهرت قمة السلوك المازوشي المُستفز الحقير والحاقد لجنود الإحتلال . والوضع ليس بأفضل بعد انسحاب الإحتلال الأميركي من العراق ، فالميليشيات التابعة لإيران ترتكب أقسى أنواع التعذيب بحق المعتقلين ، وغالبا ما تؤدي هذه الممارسات إلى الموت.

– سوريا:  

منذ عقود طويلة قبع وما زال يقبع الآلاف من معتقلي الرأي (سوريون وغير سوريين) في أقبية التعذيب والموت في سوريا ، هناك فلسطينييون ولبنانيون الذين مازال ذويهم يبحثون عنهم منذ ما يقارب 40 عاماً، والتقديرات أنهم أعدموا سراً. ومازالت عمليات الإعدام للمعتقلين مستمرة حتى تاريخ اليوم . فقد تمت اعدامات جماعية سراً خاصة منذ بداية الحرب عام 2011، فحسب تقرير لمنظمة العفو الدولية، يتم اقتياد 20إلى 50 شخص من زنزاناتهم كل أسبوع من أجل شنقهم في متنصف الليل.  حوالي 13 الف اأُعدموا شنقاً في صيدنايا بين أيلول/سبتمبر 2011 حتى كانون أول /ديسمبر 2015. ويتم تحميل جثث الضحايا بالشاحنات ويدفنون في مقابر جماعية على أراض عسكرية خارج دمشق. كما قتل آخرون بعد تعرضهم للتعذيب بشكل مستمر ومنهجي، وقد حرموا من الطعام والماء والأدوية والرعاية الصحية. 

 فلسطين المحتلة :

وفقاً لإحصائيات نادي الأسير الفلسطيني، فإن 95% من الأسرى الفلسطينيين يخضع للتعذيب في سجون الإحتلال، حيث تمارس سلطات الإحتلال الإسرائيلي أبشع أنواع التعذيب الوحشي المفضي  إلى عاهات أو إلى الموت، حيث  أن المحققين لديهم 105 وسائل للتعذيب يستخدمونها في حق المعتقلين  الفلسطنيين .

– مصر:

تشير تقارير منظمة هيومن رايتس ووتش إن المعتقلين يتعرضون للتعذيب بأساليب تشمل الضرب والصعق بالكهرباء وأحيانا بالإغتصاب، ووصفت المنظمة هذا التعذيب الواسع النطاق يـ”المنهجي”، مضيفة أنه قد يرقى إلى مرتبة جريمة ضد االإنسانية. 

– دول الخليج العربي :  

في البحرين، يتم تضمين الانتهاكات الخطيرة مثل التعذيب الذي تقوم به قوات الأمن التابعة لوزارة الداخلية ضد ناشطين حقوقيين، والتي يُكافأ عناصرها بدل محاسبتهم . وقد أعربت بهذا الخصوص لجنة مناهضة التعذيب عن قلقها بشأن عدم استقلالية آليات المسائلة الحكومية.  وينتشر استخدام التعذيب بشكل مماثل ومتساو وحتى اكثر  في المملكة العربية السعودية، التي أعدمت مؤخراً العديد من ضحايا التعذيب ، ففي 23 نيسان/أبريل 2019، اعدمت 37 رجلاً بتهمة جرائم إرهابية. وقد أدانت المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة ميشيل باشيليت بشدة عمليات الإعدام على الرغم من النداءات المتكررة من جانب نظام حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بشأن الإفتقار إلى الإجراءات القانونية الواجبة وضمانات المحاكمة العادلة بأن الإعترافات تم الحصول عليها عن طريق التعذيب. دولة الإمارات العربية أيضاً لديها أيضاً تاريخ حافل من الإنتهاكات في السجون في حق ناشطين في مجال حقوق الإنسان.

– اليمن :

في اليمن يتم تعذيب المعتقلين وحبسهم تعسفياً لسنوات، ثم نفيهم قسرياً فور الإفراج عنهم.  وقالت منظمة العفو الدولية في تقرير جديد لها إن سلطات الأمر الواقع الحوثية في اليمن يجب ألا تستخدم السجناء تعسفياُ كقطع الشطرنج في المفاوضات السياسية الدائرة حالياُ. والتقرير يحمل عنوان :” أُطلق سراحهم وتعرضوا للنفي: “التعذيب والمحاكمات الجائرة والنفي القسري لليمنيين في ظل حكم الحوثيين”.  ومنذ عام 2015 شن الحوثيين حملة من أعمال القتل والإعتقال بصورة تعسفية ضد أفراد يمارسون حقهم في التعبير والرأي والمعتقد الديني بسبب اعتبارهم مناهضين للحكم الحوثي، وقد استهدفت الحملة الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان والمعارضين السياسيين وأتباع الأقليات الدينية وغيرهم. 

– ليبيا : 

التعذيب لحد القتل في سجون ليبيا ،حيث يُمارس التعذيب وسوء المعاملة بشكل ممنهج في مراكز الإحتجاز بجميع أنحاء ليبيا، والتي تشمل الضرب بقضبان معدنية وأنابيب مياه والتعليق بوضعية مؤلمة . وقد وُجدت جثث تحمل علامات تعذيب . وقالت منظمة العفو الدولية إن القضاء الليبي مصاب بحالة من الشلل بسبب عدم قدرته على المساءلة بشأن الانتهاكات خوفاً من الإنتقام.

– دول المغرب العربي : 

ذكرت منظمة هيومن رايتس ووتش  أن الشرطة المغربية تُجبر تحت وطأة التعذيب على توقيع اعترافات تدين السجناء دون الإطلاع على المحتوى. وتتعرض السجينات للتحرش وفق ما ذكرت إحدى الناشطات . أما في تونس ، فقد وثقت المنظمة التونسية لمناهضة التعذيب ممارسات تعذيب قاسية جداً في مراكز الأمن.

-الأحواز العربية المحتلة:

تمارس قوى الإحتلال الإيراني أبشع وأقسى الإنتهاكات والتعذيب ليس فقط بحق المعتقلين الأحوازين العرب الرافضين للإحتلال.، بل بحق كل الشعب الأحوازي منذ احتلال الأحواز في عشرينات القرن الماضي ولتاريخ اليوم. 

– في هذا الإطار، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش:” يجب ألا يُسمح لمرتكبي التعذيب أبداً بالإفلات من جرائمهم، ويجب تفكيك الأنظمة التي تمكّن التعذيب أو تغييرها“. لكن المؤسف، أنه لتاريخ اليوم لم نشهد أي إجراءات محاسبة أو مساءلة للدول التي ترتكب هذه الجرائم ، ومازال المجتمع الدولي عاجز عن الحد من انتشار التعذيب كجريمة عقاب لا إنسانية على الرغم من من كافة الإتفاقيات الدولية المعنية بحماية حقوق الإنسان وصون حريته وكرامته.

في النهاية،  تُعد حقوق الإنسان بمثابة معايير عالمية تضمن من خلالها للإنسان أن يعيش بكرامة وحرية وأمن ، بغض النظر عن اللون والدين والجنس والمعتقد.  لذا المطلوب من المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤولياته تجاه ضحايا التعذيب والدفاع عنهم ورعايتهم ودعمهم من خلال العمل جدياً وليس نظرياً على محاسبة الجناة وحفظ حقهم وصولاً إلى إنهاء كافة أشكال التعذيب. 

” متى اسعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتم أحرارا”.

************************************************

المصادر:

https://www.un.org/ar/observances/torture-victims-day

https://www.amnesty.org/ar/what-we-do/torture/

https://www.marefa.org/%D8%A7%D9%84%D9%8A%D9%88%D9%85_%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%8A_%D9%84%D9%85%D8%B3%D8%A7%D9%86%D8%

http://hrlibrary.umn.edu/arab/b039.html

https://info.wafa.ps/ar_page.aspx?id=3967

https://hrsly.com/%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B9%D8%B0%D9%8A%D8%A8-

Show More

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button