الأمم المضطهدةالطفلالعالمتقارير

الإبتزاز الإلكتروني وسبل الوقاية من مخاطره

شكلّت وسائل التواصل الاجتماعي أو ما يُسمى بـ “سوشيال ميديا” قفزة نوعية وكبيرة  في عصرنا الحديث من خلال الشبكة العنكبوتية بشكل تفاعلي كبير، حيث أمسى العالم كقرية صغيرة محصورة في شاشة الهاتف والحاسوب والأجهزة اللوحية. وقد أتاحت هذه الوسائل مساحة واسعة للتفاعل المباشر بين بني البشر على مساحة الكرة الأرضية. وقد أشارت بعض التقارير العلمية، أن هناك حوالي ثلاثة مليارات شخص حول العالم يستخدمون مواقع التواصل الاجتماعي، أي ما يُعادل 40% من سكان العالم. 

مما لا شك فيه إن هذا التقدم التكنولوجي النوعي أثرّ في نمط حياة الناس ، حيث أصبح  استخدام المنصات الإلكترونية ضرورة أساسية في حياتها اليومية. وطبيعة استخدام هذه المنصات متنوعة، إن كان للتواصل والتخابر المجاني، أو للترفيه، وللتعارف وتبادل المعلومات، كما تُستخدم هذه المنصات  بطريقة فعالة للتسويق، والثقيف والمعرفة من خلال الكثير من الصفحات الالكترونية ،(تجارية، فنية، أدبية، علمية، اقتصادية وسياسية وغيرها … )

هذا من الجانب الإيجابي والمفيد لإستخدام منصات التواصل الاجتماعي. أما الجانب السلبي لهذه الاستخدامات يتلخص بما يلي:

-الادمان: العديد من الإحصائيات أشارت إلى النسبة الأعلى من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي هي من المراهقين من عمر 13 إلى 18 سنة، الذين يمضون حوالي 9 ساعات يومياً، ويصل البعض إلى أنه لا يستطيع قضاء ساعة كاملة دون تصفح منصات التواصل الاجتماعي ، ويتم قضاء معظم الوقت على صفحات الانترنت على حساب أوقات العائلة والعمل والدراسة. 

 شيوع الأخبار الكاذبة والشائعات .

– تراجع الترابط والتواصل الإجتماعي الحقيقي بين الناس.

 ترويج منتجات ضارة بصحة والفرد.

– عملية القرصنة والتهكير للحسابات والمواقع 

 نشر فيديوهات خارجة عن حدود الأصول الأدبية والأخلاقية .

 خرق خصوصيات الآخرين

 خرق الحسابات المصرفية 

ولكن أخطر سلبيات استخدام وسائل التواصل الاجتماع هو “الإبتزاز الإلكتروني”، الذي شاع بشكل كبير في السنوات الأخيرة غلى صعيد العالم. وعينات من الدول العربية التي تشهد هذه الجريمة على نطاق واسع.

ففي العراق، هذا البلد  الذي لم يعرف الجريمة قبل احتلاله عام 2003 ،   يشهد اليوم  أخطر أنواع الجرائم الا وهي جريمة الإبتزاز الالكتروني الذي بلغت ضحاياه حسب ما أوردته صحيفة الاندبندت 1500 ضحية ابتزاز عام 2021 معظمها ضدّ النساء والفتيات. والتي عزت عواملها إلى سوء استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، وغياب الرقابة لدى أسر الضحايا، إضافة إلى البطالة. وأكد التقرير أن ” عمليات الابتزاز الالكتروني في العراق وصلت إلى عمليات الاتجار بالأعضاء البشرية، وبيع النساء والفتيات، في ممارسات صُنفت أنها لا تقل شأناً عن “الأعمال الإرهابية”.

 يُشار إلى أنه حتى الآن لم يُشرّع البرلمان العراقي قانون يخص جرائم الإبتزاز الإلكتروني، بالرغم من المساعي المبذولة في السنوات الأخيرة لتشريع قانون “الجرائم المعلوماتية”. ويعالج القضاء العراقي القضايا المماثلة، وفقاً لقانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969، باعتبارها جنحة تندرج تحت إطار قضايا الابتزاز والتهديد والتشهير.

 مصر هي النموذج الثاني لهذه الجريمة الخطيرة ، حيث أصبح الابتزاز عبر الإنترنت من أكثر الجرائم التي تتناولها أخبار الحوادث في مصر، الأمر الذي يتمثل في صور وفيديوهات فاضحة لاستغلال فتاة بهدف الحصول على مكسب مادي، وأحياناً جنسي، وغالباً ما تكون تلك الوقائع بين من ربطت بينهما سابقاً علاقة عاطفية أو خطبة، وأحياناً زواج، ي. 

وقد صُدّق على قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات في عام 2018، الذي نص في مادته 25 على معاقبة من يعتدي على “المبادئ أو القيم الأسرية في المجتمع المصري أو ينتهك حرمة الحياة الخاصة بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر وغرامة لا تقل عن 50 ألف جنيه، ولا تجاوز 100 ألف جنيه. “

Electronic Blackmail / ما هي ظاهرة الإبتزاز الإلكتروني؟

الإبتزاز الإلكتروني  هي ظاهرة اجتماعية خطيرة شائعة عبر مواقع التواصل الإجتماعي، تقوم على عمليات التهديد والتخويف التي يقوم بها المُبتّز (الجاني) تجاه الضحية (المجني عليه) والمتعلقة بنشر صور أو فيديو أو تسريب معلومات سريّة تخص الضحية مقابل دفع مبالغ مالية أو القيام بفعل جنسي أو إداري غير مشروع لصالح المُبتّز. وهذا بسبب انغماس الناس بعالم الشبكة العنكبوتية بشكل كبير، وقضاء غالبية الوقت في التنقل بين موقع وآخر. ولكثرة المستخدمين لهذه المواقع والمنصات على مستوى العالم من كل الشرائح والأعمار والطبقات، مع عدم وعي للكثيرين في مجال الأمن الإلكتروني بالشكل الكافي والمطلوب ، حيث لا يعلم مستخدم هذه المنصات مدى حجم عمليات القرصنة والاختراق الإلكتروني الذي يؤدي إلى اسقاطه في شبكة القراصنة. والخطورة الأكبر أن المُبتز يستغل جهل ضحيته بقوانين الجرائم الإلكترونية والاستخدام الصحيح لها، حيث يُصبح المُستخدم في هذه الحال فريسة سهلة لمجمرمي القرصنة ـ الذي يبدأ الحال بهم بمضايقات الكترونية بهدف إخافة الضحية وصولاُ إلى استدراجه/ها إلى ان يطلب المُبتز طلبا ت قد تؤدي  بالضحية في غالب الأحيان إلى الإنتحار خوفاً من الفضيحة.

أنواع وأهداف الإبتزاز الإلكترون

زادت وتنوعت أنواع الإبتزاز الإلكتروني مع ازدياد وسائل ومواقع التواصل الإجتماعي الحديثة ذات التقنيات العالية وهي تتلخص بالتالي:

الإبتزاز المادي: الهدف منه حصول المُبتّز على مبالغ مالية مقابل خدمات خاصة بالجاني أو التهديد باستخدام  المحتويات التي تخص الضحية للحصول على المال مقابل سكوته أو تمنعه عن نشر المحتوى.  وكلما كان المحتوى خطير، يكون المبلغ المطلوب أيضاً كبير.

الإبتزاز الجنسي: وهو الأخطر لأنه يسبب في التفكك الأسري ويدمر العلاقات الإجتماعية، حيث يعمل المُبتّز على الحصول على خدمات جنسية  من الضحية مقابل سكوته عن نشر صورها ومحتواها الجنسي.

الإبتزاز السياسي أو الإنتفاعي : يُستخدم هذا النوع من التهديدات ضدّ مسؤولين  سياسيين وشخصيات مرموقة في المجتمع، لمقايضتهم مقابل  على صعيد المثال لا الحصر، الكف عن متابعة قضية ما تخص أحد المجرمين،  أو لأسباب أخرى، وهذا يُعتبر أكثر أنواع الإبتزاز الذي يخضع له الضحية، لأن الدائرة الإجتماعية للمسؤول أوسع من دائرة المواطن العادي. كما  يُستخدم هذا النوع من الإبتزاز بين الأطراف الدولية بغاية التنازلات أو ما يشابها.

سبل الوقاية أو التخلص من جريمة الإبتزاز الإلكتروني

عامةً، كل الحسابات معرضة للاختراق في حال كان رقم الموبايل المربوط معه الحساب معروفاً وكذلك الإيميل، لذا يجب تفعيل خاصية المصادقة الثنائية للإيميل وحساب موقع التواصل كي يمنع المخترق من إمكانية الدخول.  إذ ان هذه الخاصية تشترط إدخال رمز سري يصل للمستخدم إلى رقم الموبايل في حال كان هناك من يحاول الدخول لحسابه.

إن جريمة الإبتزاز الإلكتروني هي الجريمة الأكثر انتشاراً ، وعابرة للقارات لتطال كافة الدول وكافة الفئات العمرية، وتنتج غالباً عن استخدامات غير صحيحة وغير آمنة لمنصات ومواقع التواصل الاجتماعي،ولتفادي هذه المخاطر، يُمكن للمُستخدم اتخاذ إجراءات وقائية ممكن أن تحمي المُستخدم ، ومن هذه الإجراءات أو الخطوات المفروض اتباعها:

 – إبلاغ الجهات المعنية بأسرع وقت ممكن،

– تفعيل الرقابة المنزلية على استخدامات الأولاد لمنصات التواصل الاجتماعي، 

– القيام بحملات توعية من قِبل الأهل والمدارس والجمعيات المختصة في هذا المجال، 

عدم قبول صداقات غير معروفة، 

– حذف الرسائل الشخصية على الحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي،

  التقليل من مشاركة المعلومات الشخصبة على الإنترنت،

 – تجنب المحادثات عبر الفيديو إلا للمقربين ذات الصلة الموثوقة،

 –عدم الاستجابة لأوامر الشخص المُبتّز بأ ي شكل من الأشكال،

التأكد من الخصوصية الكاملة على مواقع التواصل الاجتماعي ورفع مستوى الحماية للهاتف الشخصي وجهاز الكبيوتر،

 – تغيير كلمات المرور بشكل مستر، 

عدم إرسال صور شخصية لشخص مجهول تم التعرف عليه على الإنترنت،

 عدم الرد على رسائل من شخص غريب على مواقع التواصل الاجتماعي، 

الإحتفاظ بموقع المٌبتّز كدليل إدانة، 

عدم الوثوق بمواقع البيع والشراء الوهمية، أو مواقع تعرض عمل.

هل من حلول لضبط ومنع جريمة الإبتزاز الإلكتروني؟

من الصعوبة إيجاد حل جذري لظاهرة الإيتزاز الإبكتروني، كون المجرمون الذين يرتكبون هذه الجريمة اللاأخلاقية ، هم جماعات وعصابات وأفراد متخصصون بالقرصنة الإلكترونية، وهم غير مرئيين، ولكن هناك بعض الحلول التي من الممكن أن تساعد على ضبط هذه العصابات وملاحقاتها، وهذا بدوره يتطلب من الحكومات أن تسن قوانين خاصة بهذا النوع من الجرائم، لأن العديد من الدول لا تشمل قوانينها هذه الجرائم التي أصبحت شائعة بشكل كبير وتشكل خطورة على البنيان الاجتماعي، كما أن للجمعيات والمؤسسات والمنظمات والمدارس والأهل دور فعال في نشر التوعية من مخاطر سوء استخدام المنصات الإلكترونية، والأهم من ذلك عدم السكوت عن هذه الجرائم .

في النهاية لا بد من التأكيد أن استخدام منصات ومواقع التواصل الاجتماعي أصبحت ضرورة وحاجة في حياتنا اليومية، لأن التواصل عبر هذه التقنية أصبح هو الوسيلة الأكثر شيوعاً بين البشر على مستوى العالم، واحتمال تعرضنا للمشاكل والجرائم  التي ذُكرت أعلاه واردة في كل لحظة إذا لم نكن على درجة عالية من الوعي والحرص والانتياه.

نعمت بيان – مستشارة المرأة والطفل في المنظمة العربية لحقوق الإنسان في الدول الاسكندنافية

31/12/2021

Show More

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button