الأردنالأمم المضطهدةالإمارات العربية المتحدةالبحرينالجزائرالسعوديةالسودانالعراقالكويتالمغرباليمنتقاريرتونسحقوق الإنسانسورياعمانفلسطينقطرلبنانليبيامصر

الأميّة معولٌ هدّام لبنية المجتمعات

تُقاس حضارة الأمم وتطورها بمقدار نسبة التعليم فيها التي هي إحدى الركائز الأساسية لنهضة الشعوب ونقلها من براثن الجهل والفقر الى حالة التطور والبناء. في المقابل فإن تراجع الوضع التعليمي وتزايد عدد الأميين يهددان مستقبل التنمية في البلدان التي ينتشر فيها، ويٌعتبر مؤشر خطير لبنية المجتمعات. فالأميّة آفة تهدم وتقوّض عملية التنمية والنهوض على كافة الصعد ( إجتماعية، اقتصادية، ثقافية، سياسية ….)، كما إن حرمان الأطفال والبالغين وخاصة الفتيات من التعليم لهو إنتهاك خطير لحقوق الإنسان الأساسية.

تعريف الأميّة

بشكل عام يُعرّف مصطلح الأميّة على أنه عدم القدرة على معرفة أساسيات القراءة والكتابة  والحساب في أي لغة،  ولكن  لا يرتبط مفهوم الأميّة فقط في القراءة والكتابة بل يتعداه الى كل المجالات المعرفية  (ثقافية، اقتصادية، سياسية، اجتماعية، مهنية، تكنولوجية ….الخ). 

وتّعد  الأميّة أحد أخطر المشكلات المزمنة التي تواجه العالم، وهي ظاهرة متفشية في العديد من الدول والمجتمعات، وأكثرها في الدول العربية والدول النامية. وهي نوعان:

-الأميّة الأبجدية : وهي عدم القدرة على القراءة والكتابة والإلمام بمبادىء الحساب الأساسية.

-الأميّة الحضارية : وهي عدم قدرة الشخص المتعلم على مواكبة معطيات العصر العلمية والتكنولوجية والفكرية والثقافية وتوظيفها بشكل إبداعي وفعال.

و لمحاربة  هذه الآفة  والقضاء عليها لما لها من تبعات سلبية على بنية المجتمعات، وتحفيز التعليم للجميع ، كان الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (1948)، الذي اعتبر ان التعليم هو حق من حقوق الإنسان الأساسية،  وهو أحد المبادىء التي يقوم عليها جدول أعمال التعليم حتى عام 2030، والهدف 4 من أهداف التنمية المُستدامة اللذين اعتمدهما المجتمع الدولي. كما يمثل التعليم حقا” مقويا” وتمكينيا” وأداة من أقوى الأدوات التي تمكن الأطفال والبالغين، المهمشين إقتصاديا” وإجتماعيا” من االنهوض بأنفسهم من الفقر ليشاركوا في المجتمع مشاركة تامة. 

وقد دعت لهذا السبب منظمة اليونسكو الدول لإنشاء إطار قانوني وسياسي متماسك، يضع الأسس ويؤمن الشروط اللازمة لتحقيق التعليم الجيد والمُستدام. وتتحمل الحكومات بالمقابل مسؤولية الإمتثال لتعهداتها القانونية والسياسية لتأمين التعليم الجيد للجميع ولتطبيق سياسات واستراتيجيات تعليمية ورصدها بفعالية كبيرة.

إن الكثير من الدول النامية استطاعت الوصول إلى أدنى النسب من الأميّة، بينما ما تزال نسبتها مرتفعة جدا” في الدول العربية خاصة التي تعيش  الحروب والنزاعات.

إشارة إلى أن العراق في سبعينات القرن الماضي كان البلد العربي الوحيد التي كانت نسبة الأمية 0% نتيجة إيلاء الدولة العراقية الإهتمام الكلي لقطاع التعليم. هذا ما تؤكده تقارير الأمم المتحدة والدراسات والإحصائيات التي أُجريت على مستوى  الوطن العربي  عبر منظمات عربية تُعنى بمسألة التعليم ومحو والأمية والتي كان لنا شرف المشاركة في بعضها.

 بالنسبة للدول العربية ، فقد أشارت المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم “الألكسو” في تقرير لها لعام 2018 ان معدل الأميّة في الدول العربية لا يزال مرتفعا”، مشيرة إلى أن 21% من العرب يعانون من الأمية، مقارنة  ب13.6% كمتوسط عالمي، وان عدد الأميين في الوطن العربي عام 2015 بلغ قرابة 54 مليون أميّ، حيث كان للحروب والصراعات في عدد من البلدان العربية دورا” مباشرا” في عدم التحاق ما يزيد عن 13.5 مليون طفل عربي بالتعليم النظامي.

وتشير إحصائيات مرصد الألكسو إلى أن نسبة الأمية لدى الذكور في الوطن العربي هي في حدود 14.6%، في حين ترتفع لدى الإناث إلى 25.9%. وتترواح نسبة الإناث الأميات في عدد من دول المنطقة بين 60 و80 %. 

مسببات إنتشار الأميّة

إن نسبة إنتشار  الأمية في الوطن العربي تُعد الأعلى عالميا”  وتعود لعوامل عدة :

– العامل الثقافي ( التقاليد والعادات والأعراف وثقافة الأسرة الذكورية المحافظة …) 

– العامل الإجتماعي ( الزواج المبكر، التفكك الأسري ، الطلاق،  ….) 

–  العامل الإقتصادي ( الفقر والبطالة وظروف العيش والمستوى التعليمي لأولياء الأمور والمحيط عموما).

– الحروب والنزاعات ، في أكثر من بلد عربي ( خاصة في سوريا واليمن ) التي حكمت على الأطفال بالإنقطاع القسري عن الدراسة خاصة بعد تعرّض مدارسهم للقصف ووقوع قتلى وجرحى بينهم، أو إحتلال المدارس من قِبل المسلحين،  إضافة إلى استغلال الأطفال في الحروب، ويزداد الوضع سوءا” عند الأطفال الذين نزحوا وتشردوا وسكنوا مخيمات تفتقر الى ابسط شروط الحياة ، إن كانت صحية أو تعليمية…  

– عمالة الأطفال ايضا” هي إحدى مسببات الإنقطاع عن الدراسة.

– تقاعس الحكومات بما يخص قطاع التعليم وممارسة سياسة التهميش التمييز التي تُبقي الملايين خارج المدارس.

نسبة الأمية في الدول العربية حسب إحصائيات 2016 لمن تزيد اعمارهم عن 15 عاما”:

 في موريتانيا  48%

في اليمن      30%

في المغرب  28%

في مصر     24%

في السودان 24%

في العراق   20%  ( نسبة الأمية  في العراق كانت 0% في السبعينات  )

في تونس  19%

في سوريا  14%

في الجزائر 12%

في الصومال 60 إلى 70%   ( أعلى نسبة أمية في الوطن العربي)

في ليبيا     9%

في لبنان   8%

في الإمارات 7%

في الأردن  6%

في السعودية 5%

في البحرين 4%

في الكويت 4%

في فلسطين 3%

في قطر      2%   ( أدنى نسبة أمية في الوطن العربي)

يبين الإحصاء إن قطر سجلت أدنى نسبة أميّة في الوطن العربي، تليها فلسطين ثم البحرين والكويت. أما اعلى نسبة أميّة في الوطن العربي فهي في الصومال، حيث بلغت نسبة الذين يستطيعون القراءة والكتابة فقط 37.8%.

وفي ضوء معاناة الملايين في الدول العربية من الأميّة، فقد اقرّت الجامعة العربية  عام 1970 يوم الثامن من كانون الثاني/يناير باليوم العربي لمحو الأمية في إطار مشروعاتهاالكبرى الهادفة إلى تعميم التعليم الإبتدائي ومواجهة الأمية وإيقاظ الوعي بضرورة تعليم الإناث وأهمية النهوض بالأسرة والمجتمع في سبيل تحقيق التنمية المستدامة.

كما تشدد المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم على أن ” ظاهرة الأمية في وطننا العربي وخصوصياتها يجعل لزاما” علينا تطوير السياسات الوطنية لمحو الأمية وتعليم الكبار وتأمين تعليم جيد للجميع، وإيجاد السبل المثلى للنفاذ إلى هذا التعليم ومواصلته، من خلال تطبيق إلزاميته وضمان حضّ الجميع في النفاذ إليه ودعم الإنصاف وتكافؤ الفرص ومقاومة التسرب المدرسي، وإرساء تجارب تربية الفرصة الثانية للمتسربين حديثا” من منظومات التعليم المدرسي، وتطوير برامج تعليم الأميين من كبار السن وتحفيزهم للإلتحاق بها، ونشر الوعي بأهمية التعليم وخاصة في المناطق الريفية والفقيرة ذات الكثافة السكانية المرتفعة”. وركزت المنظمة على أهمية ” العمل الشبكي والتشاركي الذي يكفل تضافر المجهودات بين المؤسسات الحكومية والمجتمع المدني والنسيج الأهلي، فضلا” عن تطوير البحث العلمي وإجراء دراسات وبحوث معمّقة حول ظاهرة تفشي الأمية تشخيصا” ومعالجة، والإستعانة بتجارب الدول التي استطاعت التغلب على الأمية، والإستفادة من التقدم التكنولوجي لمواجهة هذه الظاهرة ةالقضاء عليها”.

ولفتت ” الألكسو” إلى العقد العربي لمحو الأمية 2015-2024 الذي يجري العمل في إطاره على وضع إطرا مرجعي عربي جديد لتعريف الفرد الأمي ، يتجاوز المعايير التقليدية للأبجدية وسن الإلزام، ويسد الفجوات التشريعية والتنظيمية القائمة في بعض البلدان التي تعاني من حرمان الملايين منى الأطفال في الإلزام من حقهم في التعليم. 

وتدعوالمنظمة  كافة الدول العربية والمنظمات الدولية والإقليمية لدعم المبادرات الوطنية والإقليمية لتعليم الأطفال العرب في مناطق النزاع والصراع، والعمل على تنفيذ العقد العربي لمحو الأمية 2015-2024، الذي أقرته القمة العربية في آذار/مارس 2015، وتعزيز مختلف الجهود الرامية إلى مكافحة ظاهرة التسرب المبكر من التعليم التي تُعد المُغذّي الأساسي للأميّة في الدول العربية، والعائق الأكبر أمام تحقيق التنمية الشاملة والمُستدامة.

في النهاية أمامنا عقد من الزمن حتى تفي الحكومات بأهداف التنمية المستدامة لعام 2030، التي تبنتها جمع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة في 2015، والتي يُعدّ توفير “تعليم جيد للجميع” من ركائزها الأساسية.

نعمت بيان – مستشارة المرأة والطفل في المنظمة العربية لحقوق الإنسان في الدول الإسكندنافية

مصادر:

https://www.ohchr.org/ar/Issues/Education/SREducation/Pages/SREducationIndex.aspx

https://ar.unesco.org/themes/right-to-education

http://www.alecso.org/nsite/ar/ لمنظمة_العربية_للتربية_والثقافة_والعلوم

https://annabaa.org/arabic/education/24500

Show More

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button