الأمم المضطهدةالطفلالعالمبیانحقوق الإنسانفلسطين

8 آذار – يوم المرأة العالمي 

8 آذار – يوم المرأة العالمي 

يوم المرأة الفلسطينية،

 أيقونة النضال في المقاومة والصمود

نعمت بيان – مستشارة المرأة والطفل في المنظمة العربية لحقوق الإنسان في الدول الاسكندنافية

يحتفل العالم في الثامن من آذار من كل عام بيوم المرأة العالمي كتقدير لجهودها ونضالها الطويل لتحقيق العدالة والمساواة وتعزيز دورها في السير قدما نحو تحقيق المساواة على النوع الاجتماعي بحلول عام 2030. ولكن نتيجة الأزمات المتعددة التي المّت في العالم خاصة في الأعوام الأخيرة والتي شكلت ضغوطا” كبيرة وتحديات على المجتمعات كافة، إن كانت حروب أو أوبئة أو أزمات اقتصادية/مالية عالمية، والتي شكلت عوائق في تحقيق بعض التقدم بما يتعلق بتحقيق المساواة أو على الأقل تسريع وتيرة التقدم في هذا المجال. هذه التحديات التي واجهها العالم بشكل عام، والمنطقة العربية بشكل خاص، أرخت بظلالها على كل الفئات المجتمعية، وبشكل خاص على المرأة العربية التي كانت ومازالت تعاني من إجحاف القوانين في إنصافها من جهة، ومن ويلات الحروب والنزاعات من جهة ثانية. ولأن المرأة الفلسطينية تعرضت وعانت على مدى أكثر من سبعة عقود ولتاريخ اليوم من القهر والظلم والعنف الفظيع والممنهج بسبب الاحتلال الإسرائيلي والحرمان من حق تقرير المصير، خصصنا هذا المقال بمناسبة يوم المرأة العالمي للمرأة الفلسطينية، كونها اختصرت نضالات النساء في مسيرة نضالية طويلة وتضحيات لا تنضب. 

المرأة الفلسطينية أيقونة النضال ورمز للمقاومة والصمود

مسيرة نضال المرأة عبر التاريخ طويلة وشاقة في سبيل تحقيق العدالة والمساواة وحق المشاركة في الحياة العامة. لكن نضال المرأة الفلسطينية تميّز عن غيره، فهي من جهة تناضل كغيرها من نساء العالم لتحقيق مساواتها في الحقوق ورفع الظلم عن كاهلها وتحررها من قيود الجهل والتخلف والتبعية وغيرها من الحقوق المشروعة التي مازالت لتاريخ اليوم ناقصة، ومن جهة أخرى، صمودها الأسطوري المستمر منذ ما يُقارب الـ 100 عام جنبا” إلى جنب مع الرجل في مواجهة الاحتلال وجرائمه التي يندى لها الجبين. فالمرأة الفلسطينية عاشت وتحملت ما لم يتحمله أحد، فهي أم الشهيد وأخت الشهيد وأبنة الشهيد، وربة الأسرة التي حرصت على تعليم أبنائها السردية الفلسطينية التي يسعى الاحتلال لمحوها من ذاكرة الفلسطينيين. كما أن تاريخ النضال الفلسطيني يشهد للمرأة دورها في الكفاح المسلح منذ بدايات الاحتلال ولتاريخ اليوم، فكم من النساء الفلسطينيات شاركن واستشهدن في عمليات نوعية في مواجهة الاحتلال. وتاريخ النضال الفلسطيني يزخر بأسماء نساء مناضلات شكلن أمثولة في التضحيات. 

إذا المرأة الفلسطينية لم تتهاون يوما” في الدفاع عن أرضها والزود عنها، ومقاومة الاحتلال الصهيوني وممارساته الوحشية والهمجية. فدوما” ما تتصدر مشهد المقاومة ضد الاحتلال دون خوف أو تردد، لحماية أرضها وأسرتها…وقد ارتوت الأرض الفلسطينية بدم شهدائها، شبابا” وشيوخا” وأطفالا” ونساء”، حيث استشهدت المئات من النساء الفلسطينيات في سبيل الحرية لفلسطين، ناهيك عن المعتقلات في سجون الاحتلال اللاتي يتعرضن لمعاملة وحشية تتجاوز كل القوانين والأعراف الدولية. 

نضال النساء الفلسطينيات في معتقلات الاحتلال 

على مدار عقود من الصراع الدامي مع الاحتلال الصهيوني تعرضت أكثر من 16000 فلسطينية (بين مسنّة وقاصر) للاعتقال في سجون الاحتلال الإسرائيلي. وقد شهدت فترة الانتفاضة الأولى (انتفاضة الحجارة) عام 1987، أكبر عمليات اعتقال بحق النساء الفلسطينيات، إذ وصل العدد إلى نحو 3000 فلسطينية، أما خلال الانتفاضة الثانية (انتفاضة الأقصى) عام 2000، وصل عدد المعتقلات الفلسطينيات إلى نحو 900 فلسطينية. تراجعت نسبيا” حالات اعتقال النساء بين أعوام 2009 إلى 2015، لتعود مجددا بشكل متصاعد وصولا” إلى المقاومة الشعبية عند إغلاق سلطات الاحتلال بوابات المسجد الأقصى ليصل عدد المعتقلات حتى الأول من شهر تشرين الأول/أكتوبر إلى أكثر نحو 370 حالة اعتقال. واستمرت عمليات اعتقال الفلسطينيات عام 2018 خاصة المرابطات في المسجد الأقصى، لتتواصل خلال عام 2019، حيث تم اعتقال نحو 110 فلسطينيات، وفي عام 2020 أعتقل نحو 128 امرأة فلسطينية، وفي عام 2021 شهد تصاعد في عمليات الاعتقال ليصل العدد نحو 184 من النساء، أما عام 2022 الذي كان عاما” دمويا” لكثافة عمليات الإجرام التي ارتكبها العدو الصهيوني، حيث تم اعتقال 7000 فلسطيني من بينهم 172 فلسطينيات، حسب مركز الإعلام الفلسطيني (وفا) ولجنة نادي الأسير الفلسطيني.

أما العام 2023 وامتدادا لـ 2024، هو الأكثر دموية وإجراما” على الإطلاق، فبعد عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر 2023، جن جنون العدو الصهيوني للعملية النوعية التي نفذتها المقاومة الفلسطينية، فكان الرد بأبشع صوره، فعمليات القتل والتدمير والتجويع والتهجير لم تشهدها حرب في التاريخ في الشكل المروّع الذي يشهده العالم. حيث استشهد أكثر من 30.000 شخص وأكثر من 60.000 جريح ومصاب معظمهم من النساء والأطفال.  والوضع ليس بأفضل في الضفة الغربية التي تتعرض يوميا” لاعتداءات الاحتلال والمستوطنين، وتصاعد في عمليات الاعتقال حيث تم اعتقال نحو 7225 شخص منذ 7 تشرين الأول 2023 من بينهم 227 امرأة و460 طفل و3765 معتقل إداري و56 صحافي.

وبالتوازي ورغم كل ظروف القهر والظلم التي تعيشه المرأة الفلسطينية في ظل الاحتلال وممارساته الاجرامية، إلا إن ذلك لم يثنها عن تبوأها مراكز علمية متقدمة، فهي الكاتبة والطبيبة والمهندسة والصحافية والوزيرة والسفيرة والنائبة وغيرها من المراكز العليا، وهي أيضا” الفدائية والاسيرة والمعيلة والصابرة والقابضة على الجرح.  وكم من النساء الفلسطينيات الرائدات اللاتي يصعب ذكر أسماؤهن في هذا المقال للتعداد الكبير من الأسماء واللاتي حملن وما زلن يحملن على أكتافهن وقلوبهن رسالة التحرير لفلسطين.

نختم بقول لنابليون بونابارت، “إن المرأة التي تهز السرير بيمينها، تهز العالم بيسارها”، وهو الوصف الحقيقي للمرأة الفلسطينية التي ننحني إجلالا” لها في يومها (يوم المرأة العالمي)، فهي ليست فقط الأم والأخت والرفيقة والزوجة والأسيرة والشهيدة، بل هي صاحبة رسالة والمثال الأول للنساء عامة” لتميزها في كل جوانب الحياة السياسية والاجتماعية والنضالية، وهي التي تقدم أغلى ما لديها فداء للوطن. ولم ولن يستطع العدو الصهيوني رغم كل ترويعه وهمجيته، عن صد المرأة الفلسطينية عن القيام بدورها النضالي في سبيل الوطن. يكفي القول إن الأم الفلسطينية هي الأم الوحيدة في العالم التي تحمل مرتين، مرة في أحشاها، والأخرى شهيدا” على أكتافها. 

 فالف تحية للمرأة في يومها العالمي، وتحية إجلال وإكبار للمرأة الفلسطينية المناضلة والصابرة!

Show More

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button