الأردنالإمارات العربية المتحدةالبحرينالجزائرالسعوديةالسودانالطفلالعراقالكويتالمغرباليمنتقاريرتونسحقوق الإنسانسورياعمانفلسطينقطرلبنانليبيامصر

ظاهرة “عمالة الأطفال” في المنطقة العربية

عمالة الأطفال في المنطقة العربية ليست بظاهرة جديدة،  فهي موجودة منذ القدم وخاصة فيما يتعلق بقطاع الزراعة والمهن الحرفية والصناعات البسيطة وأعمال البناء. ولكن على مدى أكثر من عشر سنوات مضت شهدت العديد من دول المنطقة اضطرابات سياسية وأزمات اقتصادية وحروبا”  أدت إلى نزوح جماعي للسكان داخل الدول و فيما بينها، مما أدى إلى تفاقم  في ظاهرة عمل الأطفال الذي حُفِز بالوضع الإقتصادي السيء والضعف في التعليم الجيد والأعراف الإجتماعية المؤاتية.

ورغم أن معظم الدول العربية التزمت بالاتفاقيات الدولية وصادقت عليها، واعتمدت أحكاما” وطنية لحماية الطفل من عمل الأطفال ، فقد شهدت بعض البلدان العربية في الأعوام الأخيرة الماضية موجة واسعة من النزاعات المسلّحة والنزوح السكاني التي كان متوقعا” ان تطلق بدورها موجات جديدة من عمل الأطفال، والتي لا يزال مدى انتشارها ودرجة حدتها يحتاجان إلى قياس شامل.

وقد نشرت منظمة العمل الدولية تقريرا” يُبين إلى أن النزاع والأزمات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا هما سبب ارتفاع نسبة عمل الأطفال في جميع أنحاء المنطقة، وذلك يشمل تورط الأطفال في النزاعات المسلحة وغيرها من النشاطات غير المشروعة. 

وقد قدّم تقرير “عمل الأطفال في المنطقة العربية:تحليل كمّي ونوعي” الذي  تم اعداده بتكليف من جامعة الدول العربية والمجلس العربي للطفولة والتنمية،  لمحة عامة عن خصائص واتجاهات عمل الأطفال في 22 دولة عضو في الجامعة العربية، ( تونس، جيبوتي، السودان، المغرب، الجزائر، مصر، عُمان، موريتانيا، الصومال، الإمارات العربية المتحدة، البحرين، العراق، الأردن، الكويت، لبنان، قطر، المملكة العربية السعودية، سوريا، اليمن ليبيا وفلسطين).[ المؤسف أن دولة الأحواز العربية المحتلة غير مشمولة في التقرير].

يقول التقرير  إن  الوضع ازداد سوءا” على مدى السنوات العشر الماضية التي شهدت خلالها المنطقة مستويات عالية من النزاع المسلح مما أدى إلى نزوح جماعي للسكان داخل البلدان وبينها. وأن آثار  الصدمات الاقتصادية الأخيرة والاضطرابات السياسية والنزاع والحرب قد أدت إلى تفاقم مستويات عمل الأطفال عما كانت عليه في السابق. كما أنها تسببت بعكس مسار التقدم الذي كانت البلدان العربية قد أحرزته في مكافحة عمل الأطفال من خلال سياسات وإجراءات عملية وضعتها ،وفق ما أعلنه فرانك هاغمان، نائب المدير الإقليمي للدول العربية في منظمة العمل الدولية،  وكما الحال في جميع أنحاء العالم، كانت النساء والأطفال أشد المتضررين من النزاع في المنطقة. 

 وعلى الرغم  من قلّة البيانات الإقليمية وعدم وجود إحصاءات دقيقة حول عمل الأطفال في جميع الدول العربية المتأثرة بالنزاعات المسلّحة، فإن التقديرات العالمية قد أرست علاقة قوية بين عمل الأطفال وحالات النزاع والكوارث، إضافة إلى المناطق التي تعاني الفقر والضعف في التعليم الجيد والأعراف الإجتماعية المؤاتية.

وفيما يتعلق بـ “أسوأ أشكال عمل الأطفال” ، تشير دراسة قامت بها منظمات متعددة واعتمدتها منظمة العمل الدولية والفاو،  إلى أن الأطفال في أجزاء من المنطقة العربية “يُستدرجون بشكل متزايد إلى أسوأ أشكال عمل الأطفال، ويتعرضون للاستغلال والاعتداء وسوء المعاملة وانتهاك الحقوق بشكل خطير ومقلق، مع زيادة ملحوظة في العمل في الشوارع والسخرة والزواج المبكر والاستغلال الجنسي التجاري.

 كما تشمل أسوأ اشكال عمل الأطفال أنشطة العمل الخطيرة في قطاع الزارعة، حيث يعمل معظم الأطفال في المنطقة العربية سواء بأجر أو من غير أجر. وينتشر هذا النوع العمل في الغالب في الأرياف، حيث يشكل الأطفال قوة عاملة رخيصة للزارعة ذات الحيازات الصغيرة والتي تقوم بمعظمها على أساليب إنتاج غير آلية تتطلب عمالة مكثفة وتتضمن مخاطر عالية،  وفي بلدان مثل اليمن والسودان ومصر، يضم قطاع الزراعة أكثر من نصف الأطفال العاملين ، وفق ما أعلن المدير العام المساعد للفاو والممثل الإقليمي للمنظمة في الشرق الأدنى وشمال إفريقيا عبد السلام ولد أحمد.

كما إن أكثر من نصف الدول العربية متأثرة حاليا” بالنزاعات أو تدفقات اللاجئين والمهجرين داخليا”. وتشمل هذه الدول العراق والأردن ولبنان وليبيا والصومال والسودان وسوريا وتونس  وفلسطين (الضفة الغربية وقطاع غزة) واليمن. إضافة إلى ارتفاع نسبة تجنيد الأطفال، سواء من السكان أو اللاجئين، واستغلالهم من قِبل الجماعات المسلحة، لا سيما في اليمن وسوريا والعراق . كما يتم احتجاز مئات الأطفال حيث يتعرضون للتعذيب بسبب تورطهم مع جماعات مسلحة. ويضيف التقرير أن الأطفال في أجزاء من المنطقة يُجبرون على ممارسة أنواع جديدة من الأنشطة المرتبطة بحالات النزاع، مثل تهريب البضائع عبر الحدود أو بين مناطق القتال، وجمع النفايات النفطية، والقيام بالأعمال الخاصة بالجنائز ( جمع أجزاء الجسم من اجل دفنها)، بالإضافة إلى جلب المياه أو جمع الطعام من الحقول ومكبات النفايات المليئة بمخلفات الحرب. 

وقد اطلقت منظمة العمل الدولية والبرنامج الأوروبي الإقليمي للتنمية والحماية  في لبنان والأردن والعراق مشروع شراكة لمعالجة أسوأ أشكال عمل الأطفال بين اللاجئين السوريين والنازحين وأفراد المجتمع الضعيف في العراق، حيث أدت النزاعات والتهجير وتدمير البنية التحتية إلى زيادة انتشار عمل الأطفال في العراق ، حيث يوجد قرابة 7% من أطفال الفئة العمرية 5-17 عاما”، يزاولون أشكالا” مختلفة من عمل الأطفال، بما فيها الأعمال الخطرة والاستغلالية.

وتتباين درجة مشاركة الأطفال في العمل تباينا” كبيرا” في جميع أنحاء المنطقة العربية، حيث أظهرت السودان واليمن أعلى معدلات عمل الأطفال( 19.2% و34.8% على التوالي).  

آليات القضاء على ظاهرة عمل الأطفال وأسوأ أشكال عمل الأطفال

 حدد المجتمع الدولي لهذه الغاية هدفا” لإنهاء عمل الأطفال بحلول عام 2025. وتشمل الخطة (التنمية المستدامة لعام 2030) 17 هدفا” للتنمية المستدامة إضافة إلى 169 غاية ترمي إلى توجيه الجهود الإنمائية الدولية للعقد المقبل. وفي إطار الهدف الثامن من أهداف التنمية المستدامة المتعلق بالعمل اللائق والنمو الإقتصادي، تحثّ النقطة السابعة منه البلدان على ما يلي:

-اتخاذ تدابير فورية وفعالة للقضاء على العمل الجبري، وإنهاء الرّق والإتجار بالبشر، وضمان حظر أسوأ أشكال عمل الأطفال والقضاء عليها، بما في ذلك تجنيدهم واستخدامهم جنودا”، وإنهاء عمل الأطفال بجميع أشكاله بحلول عام 2025 .

ختاما”،  نقول ونؤكد أن أطفال اليوم هم نواة المستقبل وعليهم يُبنى الأمل ببناء مجتمع متطور وحضاري، لذا أصبحت هناك حاجة ملحة وفورية لحمايتهم من الإستغلال الخطر،  سواء كان استغلالهم  نتيجة لقضايا اقتصادية بحتة، أو مقترنا” بالصراعات والنزوح واللجوء. وقد حان الوقت لأن تعي الدول العربية  وتدرك أن عمل الأطفال يفرض تحديات فورية ومستقبلية، ليس فقط على الأطفال، ولكن أيضا” على بلدانهم ومجتمعاتهم المحلية وكذلك على الإقتصاد الوطني،  ومن الأهمية بمكان معالجة الأسباب الجذرية والعواقب المترتبة على زيادة عمل الأطفال، والقضاء جوهريا” عليها، لا سيما أسوأ أشكاله عبر تعزيز الأطر القانونية  المُكرّسة لحمايتهم في كل المجالات،  الإقتصادية والإجتماعية وتعزيز التعليم الجيد ، وحمايتهم من أثر النزاعات المسلحة وعدم زجهم في أتونها. 

 وقد صنفت التشريعات الدولية  هذه الظاهرة الخطيرة في خانة الإنتهاك الفاضح لحقوق الإنسان، ودعت الأمم المتحدة الدول المنضوية في عضويتها إلى التزام هذه التشريعات وترجمتها قوانين محلية. وعلى الرغم أن مجمل الدول العربية وافقت على هذه القوانين والتشريعات، إلا أن ترجمتها على أرض الواقع لا تزال خجولة وقاصرة جدا”. 

نعمت بيان – مستشارة المرأة والطفل في المنظمة العربية لحقوق الإنسان في الدول الإسكندنافية

المصادر :

https://www.ilo.org/global/about-the-ilo/newsroom/news/WCMS_752496/lang–ar/index.htm

https://mawdoo3.com/%D9%85%D8%A7_%D9%87%D9%8A_%D8%A3%D8%B3%D8%A8%D8%A7%D8%A8_%D8%B8%D8%A7%D9%87%D8%B1%D8%A9_%D8%AA%D8%B4%D8%BA%D9%8A%D9%84_%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B7%D9%81%D8%A7%D9%84

https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%B9%D9%85%D8%A7%D9%84%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B7%D9%81%D8%A7%D9%84https://www.un.org/ar/observances/world-day-against-child-labour/background

Show More

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button