Site icon Arab Organization for Human Rights in Scandinavia

لم يُبقوا لنا إلا أطلال وطن!

لم يُبقوا لنا إلا أطلال وطن!

 نعمت بيان – مستشارة المرأة والطفل في المنظمة العربية لحقوق الإنسان في الدول الاسكندنافية

4/8/2020 – 4/8/2022 عامان على انفجار مرفأ بيروت !

في ذاك المساء الجهنمي، الساعة 6:05 من مساء يوم الثلاثاء في الرابع من شهر آب اللهّاب، كانت بيروت على موعد مع مجزرة من نوع آخر، مجزرة ذات مشهد سريالي اختارته سلطة القتل العاهرة بدقة، لأنه لم يكفها ويشفِ غليلها قتل المواطنين بلقمة العيش، بل اختارت موتا” أكثر تشويقا” ، أشلاء منتاثرة متفحمة بنار نيترات الأميونيوم التي استحضرتها وأبقتها لسنوات لحين استحقاق انفجارها. 

لقد مثّل انفجار مرفأ بيروت أحد أكبر الانفجارات غير النووية في تاريخ العالم، وتسبب في تداعيات كبيرة على مدينة بيروت. فقد سبب عن مقتل ما يقارب 300 شخصا”، وإصابة أكثر من 7000 آخرين، وإلحاق أضرارا” جسيمة بالممتلكات.  وبعد مرور عامين على هذه المجزرة ، لم يصل التحقيق إلى أية نتائج بسبب عرقلة السلطات لعمل القضاء ووضع العصي في الدواليب لعدم كشف الحقائق التي من الممكن أن تبين تورط مسؤولين كبار في هذه الكارثة الوطنية والإنسانية.

وتأكيدا” على ذلك،  وثقت العديد من المنظمات الدولية مثل هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية ولجنة الحقوقين الدوليين وغير من من المؤسسات الحقوقية مجموعة من العيوب الإجرائية والمنهجية في التحقيق المحلي، كالتدخل السياسي في عمل القضاء، والحصانة التي يتمتع بها المسؤولين السياسين، وعدم احترام معايير المحاكمة العادلة وانتهاكات الإجراءت القانونية الواجبة. وقد حملت المنظمات الأممية السلطات اللبنانية  مسؤولية انفجار مرفأ بيروت. حيث أشار تقرير لمنظمة “هيومن رايتس ووتش” الصادر في 3/8/2022 إلى” تورط مسؤولين لبنانيين كبار في الانفجار الذي وقع في 4 آب/أغسطس 2020.  هذا التقرير الذي صدر تحت عنوان “ذبحونا من الجو” يعرض أدلّة على السلوك الرسمي في سياق الفساد وسوء الإدارة منذ زمن طول في المرفأ، الذي سمح بتخزين أطنان من نيترات الأمونيوم القابلة للإنفجار بطريقة عشوائية وغير آمنة لما يقارب ست سنوات أو اكثر، تسبب في انفجار هذه المواد بأحد أكبر الإنفجارات غير النووية في التاريخ، حيث دمر المرفأ والحق أضرار جسيمة بالعاصمة بيروت.

وكأن المواطن اللبناني لم يكفه ما يعانيه من ذل وفقر ومهانة جراء الإنهيار الاقتصادي الذي حل بالبلد، وأزمة كوفيد-19 وتداعياتها، ليأتي انفجار المرفأ ليزيد من طين معاناته بلّة لتكتمل “سيبة” الكارثة بأبعادها الثلاثية. 

فاليوم تحلّ هذه الذكرى الأليمة  في ظل ظروف أكثر من مأسوية يعيشها المواطن اللبناني، في ظل إنعدام الأمن الغذائي والاجتماعي والصحي والتربوي ، في بلد لم تُبقِ منه منظومة الإجرام إلا الأطلال. 

ونختم بالقول والتأكيد أن كل يوم هو 4 آب، وكل يوم تتجدد المأساة، لأن من فقدوا أحبتهم وفلذات أكبادهم  لم ولن ينسوا مهما حاولت سلطة الإجرام التعامل مع هذا الموضوع الإنساني والحدث الجلل  بسخرية واستهتار، وعملها بشتى الوسائل على إخفاء معالم الجريمة للنفاذ من المحاسبة العقاب. ستبقى هذه المأساة الكارثية التي حلّت على لبنان وأبنائه جرح ينزف لحين أن تاخذ العدالة مجراها في كشف الحقيقة،  وإن أُفلِتَ الجناة من عدالة الأرض، لن ينجوا من عدالة السماء، إن كان هناك عدالة!! ستبقى ذكرى انفجار 4 آب راسخة أبدا في وجدان وذاكرة اللبنانيين.

الرحمة لأرواح الضحايا الذين قضوا في هذا الإنفجار، والصبر والسلوان لذويهم، والخلاص للبنان!

لمحة موجزة عن أهمية مرفأ بيروت  

يُعد مرفأ بيروت أهم ميناء في لبنان، ومن أهم الموانىء في الحوض الشرقي للبحر المتوسط، والمنفذ البحري الأساسي للدول العربية الآسيوية ، فهو مركز التقاء للقارات الثلاث : أوروبا، آسيا وأفريقيا،  وهذا ما جعل منه ممرا” لعبور أساطيل السفن التجارية بين الشرق والغرب نظرا” لموقعه الاستراتيجي. كما يُعتبر من الركائز الأساسية للإقتصاد اللبناني، حيث له دور أساسي في عملية الاستيراد والتصدير. ويتعامل مع 300 مرفأ عالمي، ويُقدر عدد السفن التي ترسو فيه بـ 3.100 سفينة سنويا”. كما يتألف المرفأ من 4 أحواض يصل عمقها إلى 24 مترا”، إضافة إلى حوض خامس قيد الإنشاء. كما يضم 16 رصيفا” والعديد من المستودعات وصوامع تخزين القمح ( التي تحترق اليوم ومهددة بالسقوط مما يساعد في اختفاء معالم جريمة انفجار المرفأ). كما يستقبل حوالي 70% من احتياجات لبنان، إضافة إلى دوره كمركز أساسي لتجارة إعادة التصدير وتجارة المرور ( الترانزيت).وبتوقف العمل بمرفأ بيروت يخسر لبنان إحدى أهم ركائزه الاقتصادية والتي تُقدر بمليارات الدولارات.كما سبب الإنفجار الذي حلّ في مرفأ بيروت إلى انتقال الملاحة البحرية الى مرفأ حيفا في فلسطن المحتلة، وهو هدف يسعى إلى تحقيقه الكيان الصهيوني منذ أمد طويل.  

https://www.hrw.org/ar/news/2021/08/03/379425

Exit mobile version