الأمم المضطهدةالعالمبیانحقوق الإنسان

البطالة تنهش في إقتصاد العالم

البطالة تنهش في إقتصاد العالم

أكثر من نصف القوى العاملة مهددة بخسارة مصدر رزقها

نعمت بيان – مستشارة المرأة والطفل في المنظمة العربية لحقوق الإنسان في الدول الإسكندنافية

1 آيار 2021 

يطل عيد العمال هذا العام والعالم يعيش في ظروف أكثر من إستثنائية ، فلا احتفالات ولا تجمعات أو تظاهرات احتفالا” بهذا اليوم العالمي بسبب إجراءات العزل التي فرضتها جائحة كورونا،  والتي تسببت في تعطيل عجلة الإنتاج وركود الإقتصاد العالمي، الذي بدوره أدى إلى إقفال الآلاف من المؤسسات والمعامل وصرف الملايين من العمال والموظفين، حيث سجلت البطالة أعلى مستوياتها على الصعيد العالمي. فقط في قطاع الصحة والرعاية ، لقي ما يقارب 7000 عامل صحي حتفهم جراء الجائحة، في حين أن 136 مليونا” من العاملين معرضون لخطر الإصابة بكوفيد-19 من خلال عملهم حسب تقرير منظمة العمل الدولية الذي ينظر في كيفية قيام البلدان بتقليل المخاطر التي يتعرض لها الجميع في مكان العمل، في حال طوراىء صحية مستقبلية.

أما عربيا” فالهمّ مُضاعف،  فعيد العمال هذا العام ذات مذاق مرير نتيجة الضرر الذي لحق بالطبقة العاملة في كافة مجالاتها، فإضافة إلى جائحة كورونا التي فرضت حالة الإقفال والعزل ، تأتي نيران الحروب والصراعات المسلحة والإحتلالات التي تشهدها بعض الدول العربية مثل ( الأحواز وفلسطين واليمن وليبيا والعر اق وسوريا ولبنان) ، التي فرضت حالة النزوح والهجرة وهبوط قيمة العملة الوطنية، حيث نالت القوى العاملة في هذه البلدان القسط الأكبر من المعاناة ، إذ تم تخريب القطاعات الصناعية والتجارية والزراعية والسياحية، بالإضافة إلى تعرض العمال للقمع والإضطهاد والصرف العشوائي دون دفع أي حقوق أو تعويضات مما فاقم من تصاعد الأزمة المعيشية بشكل مخيف، كالذي يجري في لبنان على سبيل المثال لا الحصر،  حيث هبطت قيمة العملة الوطنية إلى 80% ، فوصل الحد الأدنى للأجور إلى أدنى مستوياته أي ما يقارب 65 دولارا” اميركيا” ، نتيجة الأسباب التي ذُكرت أعلاه ، يّضاف اليها سياسة الفساد ونهب المال العام من قِبل المنظومة السياسية القائمة منذ ما يقارب الثلاثة عقود. 

 أيضا سوريا تأتي في صدراة الدول التي شهدت تدهورا” حادا” في أوضاع العمالة، إذ ارتفعت البطالة  بحسب تقارير دولية لنحو  80%، بالإضافة إلى هبوط قيمة الأجور وارتفاع قياسي للتضخم. الحال ليس بأفضل في العراق واليمن وغيرها من الدول العربية ولو أن نسبة البطالة متفاوتة.  في دول الخليج العربي التي تعوم على مصادر ثروات كبيرة وتنعم إلى حد ما بالإستقرار، تعيش أيضا”العمالة الوافدة ظروف معيشية صعبة، ليس بسبب جائحة كورونا فحسب ، بل نتيجة إجراءات التقشف التي اتخذتها بعض دول الخليج بسبب أزمة تراجع الإيرادات النفطية، حيث تم خفض الإعتماد على اليد العاملة الوافدة وإحلال المواطنين بدلا” منها. 

وقد توقع تقرير للأمم المتحدة أن ترتفع نسبة البطالة والفقر في عام 2021 في المنطقة العربية بسبب تداعيات جائحة كورونا.  إلى 12.5% ، أعلاها في فلسطين (31%) ثم ليبيا (22%) وتونس والأردن (21%) في ظل تضييق الخناق على الإقتصاد العالمي بسبب الإغلاقات المرتبطة بكوفيد-19. 

بحسب التقرير، فقد أثرت الجائحة على العالم بأسره وخاصة في الجوانب الإقتصادية، أما المنطقة العربية، فتواجه سيناريوهين محتملين، إما انتهاء الأزمة وعودة الدورة الإقتصادية إلى وضعها الطبيعي في الربع الأول من عام 2021، وإما استمرار الأزمة خلال الربع الأول من عام 2021. وبموجب السيناريو الإقتصادي المتفائل، من المتوقع تحقيق معدل نمو يصل إلى 3.5%، أما السيناريو الآخر الأقل تفاؤلا”، يقتصر فيه النمو على 2.8%. 

بينما ترى دراسات أخرى إن الأرقام الرسمية المنشورة لا تعبّر عن واقع البطالة في البلدان العربية ، فالبطالة في الدول العربية التي تعاني الحروب والمجاعة والنزوح مثل اليمن وليبيا والعراق وسوريا وفلسطين والأحواز في أعلى مستوياتها. في هذا الإطار، شرح محمد الهادي بشير، المشرف على فريق إعداد التقرير في الإسكوا، أن الأزمة في المنطقة العربيّة تتجاوز المعطى الاقتصادي لتشمل تحديّات اجتماعيّة كبرى، مثل انتشار الفقر الذي قد تصل نسبته في عام 2021 إلى 32% ليطال 116 مليون فرد، وتفاقم البطالة بين الشباب لتصل نسبتها إلى حوالي 27%، واستمرار عدم المساواة بين الجنسين بمختلف أوجهه،  وإن المنطقة العربيّة لا تزال تسجّل فجوة بين الجنسين بنسبة 40% هي الأعلى في العالم. وأكّد بشير أن التحديات التي تواجهها المنطقة تتطلّب جهدًا مُضاعفًا من الحكومات العربيّة لتوفير شبكات الأمان الاجتماعي اللازمة، لا سيّما في المجتمعات المضيفة للاجئين والنازحين، حيث يُخشى من تدهور الظروف المعيشية مع حالات الركود الاقتصادي التي تصيب البلدان المانحة.

أين دور منظمة العمل العربية ؟

في ظل هذه الأجواء القاتمة والسلبية، لم تقم منظمة العمل العربية بأي إجراءات من شأنها إيجاد حلول لهذه المعضلة الإقتصادية-الإجتماعية. فلم تعلن المنظمة عن أي برامج حماية للعمال خاصة الذين تشردوا من الدول التي تشهد نزاعات مسلحة، ولا هي قدمت برامج أو على  الأقل رؤية عن كيفة مساعدة العاطيلن عن العمل، وحفظ حقوقهم، او تأمين برامج دعم لهم في هذه المرحلة العصيبة التي يمر فيها العالم عامة” والمنطقة العربية خاصة”. فدور المنظمة وجب ان يكون أكثر فعالية في معالجة القضايا  العمالية التي هي قضية إنسانية  بالدرجة الأولى، وأن لا يقتصر دورها على إصدار تقارير واحصائيات فقط. لذا المطلوب من منظمة العمل العربية ومن المنظمات الحقوقية الأخرى المعنية بحقوق الإنسان  أن تكون أكثر فعالية مع هذا  الواقع المزري ، في إيجاد السبل والآليات لحفظ حقوق العامل وتأمين ظروف حياة كريمة له. 

إن قضية العمال هي قضية إنسانية بالدرجة الأولى وليست قضية يُتاجر بها من قبل المنظومات السياسية الحاكمة.  لذا يتطلب الأمر إيجاد حلول جذرية لهذه المشكلة، حيث  تكفل لهذه الطبقة ، وخاصة المُهمشة منها العيش بكرامة ضمن بيئة عمل آمنة محفوظة الحقوق. 

ونختم بقول للشيخ محمد الغزالي عن هذا الواقع المرير: ” غير أن هناك رجالا” يأخذون للعيش أسبابه، ويطرقون للعمل أبوابه، ويحرق الواحد منهم دمه وأعصابه، ثم لا يجدون شيئا” بعد هذا الجهد المُضني، أو يجدون شيئا” يُمسك الرمق، ويسد الحاجات الملحة ثم يجف المعين، وتسوَد الدنيا في وجوههم، وتضطرم في نفوسهم ثورة مكتومة على المجتمع والدولة ويسوء ظنهم في قيمة العمل والسعي”.

تحية إلى كل عمال العالم !

مصادر:

https://news.un.org/ar/story/2021/04/1075172

https://www.unescwa.org/ar/news/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%86%D8%B7%D9%82%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9-%D8%A3%D9%85%D8%A7%D9%85-%D8%B3%D9%8A%D9%86%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D9%88%D9%8A%D9%86-%D9%81%D9%8A-2021

https://www.alaraby.co.uk/%D8%B9%D9%8A%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%85%D8%A7%D9%84-

Show More

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button