العالمتقاريرحقوق الإنسان

اليوم العالمي لمكافحة الإتجار بالبشر

اليوم العالمي لمكافحة الإتجار بالبشر

الجزء الثاني

ظاهرة الإتجار بالبشر في المنطقة العربية

الرق الحديث :مظاهر العبودية الحديثة في المنطقة العربية

تصاعدت مؤشرات أو مظاهر العبودية الحديثة المتمثلة بظاهرة الإتجار بالبشر التي ترتكبها حكومات أو مجموعات أو تنظيمات إرهابية وعصابات إجرامية  في المنطقة العربية خلال الأعوام القليلة الماضية، على نحو ما عبّرت عنها جرائم محددة كالسبي والاسترقاق والعمل الجبري “السخرة” والزواج القسري والعنف الجنسي والاغتصاب الممنهج والاتجار بالبشر وتجارة الأعضاء واستعباد المهاجرين في مراكز الاحتجاز، وغيرها من الممارسات التي تشبه الرق.  حيث اصبحت هذه الجريمة تضرب بأطنابها داخل المجتمعات العربية، حتى باتت تشكل قضية شائكة تؤرق المجتمعات العربية كافة.

وقد أدرجت العديد من التقارير الدولية دول عربية في قائمة المتورطين في جريمة الإتجار والأسوأ التزاماُ بتطبيق قانون مكافحة الإتجار بالبشر. فتقرير وزارة الخارجية الأميركية لعام 2021  أدرج مجموعة من 10 دول قالت أنها متورطة في تهريب البشر برعاية رسمية ، ومن بين هذه المجموعة:     

 أفغانستان، الصن، إريتيريا، إيران، كوريا الشمالية، جنوب السودان، سوريا، تركمستان وفنزويلا. 

وفي تقريرها لعام 2019 ، صنفت وزارة الخارجية الأميركية أسوأ 15 دولة التزاماً بتطبيق قانون مكافحة الإتجار في البشر، من بينها 7 دول عربية هي:   إريتيريا، موريتانيا، سوريا، الجزائر، الكويت، ليبيا واليمن. كما أُدرجت في تقارير دولية أخرى السودان والعراق ودول خليجية على قائمة التورط في جريمة الإتجار بالبشر.

ومع إن  19 دولة عربية وقعّت على بروتوكول منع الاتجار بالبشر الذي أقرته الأمم المتحدة عام 2000، وإقرار 4 دول عربية لتشريعات محلية تعزز فرص تطبيق البروتوكول الأممي وتساعد في مكافحة الاتجار بالبشر، مازالت الظاهرة مستفحلة خاصة في العقدين الماضيين، حيث برزت بشكل لافت في العراق وسوريا وليبيا واليمن، كون هذه البلدان تعاني من حروب ونزاعات وواقعة تحت سيطرة وسلطة مليشيات مسلحة وجماعات إرهابية راعية لظاهرة الاتجار بالبشر ومتورطة بها، مما أفسح المجال الواسع امام هذه العصابات لإستغلال حالة الفلتان وللا إستقرار لتنشط دون حسيب أو رقيب.

لماذا تنتشر هذه الظاهرة في بعض الدول والمجتمعات العربية التي تتمتع ببيئة محافظة ومعظمها ملتزمة بشريعة الدين الإسلامي الذي كرّم الإنسان وحرّم الأتجار بالبشر؟ 

بالرغم من تشديد  شريعة الدين الإسلامي على تحريم مختلف صور الإتجار بالبشر التي تمس بحقوق الإنسان وكرامته،  وبالرغم من القوانين الوضعية التي تمنع وتعاقب على هذه الجرائم بكل أوجهها، لم تشكل الدول العربية استثناء لإنتشار هذه الظاهرة، والتي لها أسباب عديدة مثل الحروب والنزاعات المسلحة وحالة الفقر والبطالة والجهل وانتشار الأمية والفساد الحكومي ويُضاف اليها جائحة كوفيد-19 الذي فاقم من هذه المشكلة .  وسنسلط الضو على هذه الظاهرة في بعض الدول  العربية التي شكلت حالة نافرة جدا” والتي لم تشهد هذه الظاهرة سابقاً.

 العراق

رغم أن جريمة الإتجار بالبشر هي جريمة عابرة للحدود وتطال معظم دول العالم ، إلا أن العراق يُعتبر من الدول القليلة والنادرة في العالم التي لم تشهد هذا النوع من الجرائم  في تاريخه رغم كل الظروف التي مرّ بها من حروب وحصار وأزمات. إذا هي ظاهرة مستجدة على المجتمع العراقي المحافظ والذي كان قدوة لكل المجتمعات ونموذجاً مميزاً للنظم والقيم الإجتماعية والأخلاقية كونه كان محصنّا اتجاه كل أنواع الجرائم في ظل النظام الوطني لغاية غزوه من قِبل الولايات المتحدة الأميركة عام 2003، ومن ثم تغلغل إيران وتحكم ميلشياتها في السلطة. حيث عمل الإحتلالين وبشكل متعمد على ضرب كيان الدولة العراقية والمجتمع العراقي في الصميم من خلال  شيوع سياسة الفساد الإداري والحكومي والإنفلات الإجتماعي وإرتكاب الجماعات الإرهابية أبشع الإنتهاكات لحقوق الإنسان عبر قيامهم بمختلف أنواع الجرائم التي يندى لها الجبين، وجريمة الإتجار بالبشر واحدة من أخطر هذه الجرائم التي شاعت في العراق في العقدين الماضيين.

 فقد بدأت هذه الظاهرة/الجريمة  بعد الغزو  الأميركي  للعراق عام 2003،  بشكل فردي وجماعي وبطرق منظمة وغير منظمة،  وقد ساعد على انتشار واتساع هذا النوع من الجرائم  غياب سلطة القانون وسيطرة الجماعات الإرهابية ((داعش) والمليشيات المسلحة  التابعة لإيران على عموم المدن العراقية، وقيامها بتنفيذ جرائم ترتقي إلى الإبادة الجماعية وجرائم ضدّ الإنسانية، من خلال السبي والإتجار بالاعضاء والدعارة. المثير للعجب أن الولايات المتحدة الاميركية  التي تدّعي حماية حقوق الإنسان وحريته وصون كرامته، وتصدر تقارير متتابعة تنص على معاقبة المسؤولين المتورطين في عملية الإتجار بالبشر،  ترتكب ليس فقط أبشع  أنواع الجرائم والإنتهاكات لحقوق الإنسان بل هي  غالباً راعية لهذه العصابات المجرمة ، والعراق مثال على ذلك.

وتُظهر آخر الإحصائيات الصادرة عن مجلس القضاء الأعلى بأن الدوائر سجلت 200 قضية إتجار بالبشر خلال عام 2017 غالبيتها في العاصمة بغداد حيث بلغت 50 قضية. والمؤكد أن تلك القضايا تشكل نسبة قليلة مقارنة بما موجود على أرض الواقع، لأن هذا النوع من الجرائم تتسم بالسرّية، فيما يخشى الضحايا من الإبلاغ عن ذلك خشية الفضيحة وتعارض ذلك العادات والتقاليد السائدة.

 وبالرغم من أن  البرلمان العراقي قد اقرّ قانون مكافحة الاتجار بالبشر رقم (28) عام 2012،  والذي يسمح بمتابعة وملاحقة تلك العصابات، إلا أن هذه الظاهرة تتسع أكثر وأكثر لتورط المليشيات المسلحة بها.

وقد وثّق المرصد العراقي لضحايا الإتجار بالبشر في تقرير له عام 2019 عن وجود 27 شبكة اتجار بالبشر تنشط في بغداد ومحافظات عراقية أخرى، إذ تقوم تلك الشبكات بتجارة الإعضاء البشرية واستدراج النساء للعمل ضمن شبكات الدعارة.  بالإضافة 9 شبكات للتجارة بالأعضاء في أربيل ودهوك وكركوك، و7 شبكات تستدرج الضحايا عبر سماسرة في السليمانية، و 5 شبكات للإتجار بالنساء والقاصرات في بغداد،  و 3 شبكات تستخدم النساء والأطفال للتسول في كركوك والديوانية وبابل.

وعند السؤال عن هذه الظاهرة  وتداعياتها على المجتمع العراقي ، يجيب استاذ علم الاجتماع البروفسور عبد السلام الطائي في حديث تلفزيوني ” إن ظاهرة الإتجار بالبشر هي متشابكة مع غيرها من جرائم الدعارة والخطف والمخدرات،  لأهداف متعددة، سياسية وامنية واقتصادية وطبية، والأخطر حسب الدكتور الطائي يكمن في تدخل الجنس في القرار السياسي والحكومي لعصابات  الاتجار بالدم والبدن، حيث تشكل هذه الجريمة رافداً مالياً للجماعات المسلحة. وإن كل التقاريروالدراسات الاجتماعية في بغداد تشير أن قيادات دينية وسياسية وأمنية تقوم بعمليات تجارة المخدرات وتجارة الجنس، وإن هذه الظاهرة الجنائية وإن اختلفات مسمياتها وأسبابها، هدفها واحد هو تدمير الإنسان والمجتمع العراقي، حيث تعبث هذه الميليشيات والجماعات الإرهابية بكل مكونات الدولة العراقية، فهي حوّلت الوزرات والإدارات إلى مقرات تقوم من خلالها بشتى انواع الجرائم  دون محاسبة  أو ملاحقة لأنها لا تخضع لأي قانون، وان هذه الجريمة مدعومة بشكبات واسعة تقوم بعمليات التسويق والبيع والسمسرة “. ويصنف الدكتور الطائي الجماعات المُستهدفة في هذه الظاهرة بثلاث: “مجموعة الإتجار بالأعضاء، مجموعة الإتجار بالبشر الأصحاء ومجوعة الإتجار بالموتى. وتتعزز هذه الجريمة عندما يصبح الجلاّد هو القاضي والحكم، حين ذا يُصبح المجتمع العراقي مخطوفاُ كليا”. (الحديث كامل على رابط الفيديو  في زاوية المصادر).

سوريا: نشطت ظاهرة الإتجار بالبشر في سوريا بشكل ملفت وواسع بعد اندلاع النزاع عام 2011. وقد صنّفت الخارجية الأميركية سوريا في “المستوى الثالث” في تقريرها الأخير عن الإتجار بالبشر، مشيرة إلى أن سوريا لم تفعل شيئاً ملموساً للحد  من هذه الظاهرة التي ما فتئت تتفاقم. وأكد التقرير أن النظام لم يحم الأطفال أو منع تجنيدهم أو استغلالهم لا من قِبل الميلشيات الموالية له، ولا من قِبل المنظمات الإرهابية مثل تنظيم الدولة الإسلامية وداعش، الذين استغلوا الأطفال أبشع استغلال، إن من خلال تجنيدهم وزجهم في الحروب أو استغلالهم في نشاطات أخرى . والمعاناة الأشدّ إيلاماً هي في مخيمات النزوح التي شكلت أرضاً خصبة لعصابات ومافيات الإتجار في البشر، إن كان داخل سوريا أو في دول الجوار، حيث أن معظم هذه المخيمات،  عدا أنها لا تستوفي الشروط الصحية والبيئية، يفتقد النازحون فيها الحماية في الداخل وفي الخارج.  فالنازحون ، وخاصة النساء والأطفال  اصبحوا صيداً سهلاُ لهذه العصابات . فالأطفال يُسرقون أو بالأحرى يُخطفون من المخيمات لإستغلالهم في التسول في الطرقات، أو بتجارة الأعضاء أو التجنيد، و تُستغل النساء والفتيات  في أعمال لا اخلاقية، كتجارة الجنس وأعمال الدعارة.

كما تشير بعض التقارير الصادرة عن مراكز الأبحاث والمنظمات الحقوقية ووسائل الإعلام  إلى أن مسلحي تنظيم “داعش” خاصة في مناطق نفوذه الرئيسية السابقة في سوريا والعراق كانوا يبيعون النساء والفتيات للإسترقاق أو استغلالهم في الاستعباد الجنسي. ويكشف التقرير السنوي الصادر عن وزارة الخارجية الأميركية عن جرائم اضطهاد ارتكبها هذا التنظيم من خلال الإغتصاب والخطف والعبودية.

اليمن : الوضع في اليمن ليس أفضل مما هو عليه في العراق وسوريا . فحسب التقرير الأميركي حول الإتجار بالبشر ، تظل اليمن حالة خاصة للسنة السادسة على التوالي. فقد استمر الصراع الأهلي خلال الفترة المشمولة بالتقرير، في حين أدت جائحة كوفيد-19 إلى تفاقم الأزمة وزيادة إعاقة عمل كل من الحكومة والمنظمات غير الحكومية. وقد أصبح الحصول على معلومات عن الإتجار بالبشر صعباً بشكل متزايد منذ آذار/مارس 2015  بعد سيطرة الميليشيات الحوثية المدعوة من إيران على أجزاء كبيرة من البلاد، والجرائم التي ترتكبها خاصة بحق الأطفال والنساء التي لا تقل خطورة عن الجرائم التي ترتكبها ميلشيات إيران في العراق . وقد أفادت منظمات غير حكومية، أن الفئات السكانية الضعيفة معرضة بشكل متزايد  لخطر الإتجار البشر بسبب النزاع المسلح الذي طال أمده، والاضطرابات الأمنية وانعدام القانون وتدهور الأوضاع الإقتصادية. وإن الحكومة تواجه تحديات خطيرة في مكافحة الإتجار بالبشر، بما في ذلك التهديدات الأمنية الداخلية الكبيرة، وانعدام الأمن الغذائي، والتفكك الإجتماعي، والسيطرة الإقليمية وضعف قدرات إنفاذ القانون. . كما تبين الدراسات والتقارير الحقوقية، إن اليمن هو أحد البلدان التي يتعرص فيها النساء والرجال والأطفال للسخرة  والإستغلال بكل أشكاله، ولكن الأطفال هم من يدفع الضريبة  الأكبر من جراء حالة الفلتان وعدم الإستقرار ، حيث تستخدم الجماعات المسلحة الأطفال بشكل كبير في العمليات القتالية،  بالإضافة إلى إجبارهم على القيام بواجبات الدعم مثل الطهي وغسل الملابس وجمع المعلومات الاستخبارية  والعمل القسري أو التسول في الشوارع أو العمل في المنازل أو إجبارهم العمل في الدعارة. كما لاحظت المنظمات الدولية زيادة تجنيد الحوثيين للفتيات بين سن 13 و17 عاماً، ويستخدمن في الغالب كحراس وجواسيس، أو كمسعفات، إضافة إلى الإستغلال الجنسي والتعنيف والزواج المبكر.

ليبيا :  لقد باتت ليبيا مركز مرور للمهاجرين من إفريقيا الساعين للوصول إلى أوروبا، الذين أصبحوا طعماً سائغاً لعصابات التهريب التيبدورها استغلت الفوضى السياسية والأمنية التي تعيشها ليبيا لتتوسع في نطاق عملها . وقد تنامت عمليات المتاجرة بهؤلاء المهاجرين القادمين في الأغلب من نيجيريا والسنغال والغابون، والذين يقعون ضحايا في أيدي عصابات التهريب فيُحتجزون ويتعرضون للاغتصاب والتعذيب والعبودية،  وقد أشارت منظمة الهجرة الدولية، في نيسان/ إبريل الماضي، إلى وجود “أسواق الرقيق” في ليبيا حيث يُباع المهاجرون الأفارقة فيها ما بين 200 و500 دولار أميركي، ويُكرهون على العمل دون أجر أو يتم استغلالهم جنسياً، إذ قال المتحدث باسم المنظمة ليونارد دويل: “إنهم يتحولون فيها إلى بضائع معروضة للشراء والبيع والرمى حين لا تعود لها قيمة” . إن تنامي هذه العمليات يهدد الأمن  القومي الليبي وينعش الإرهاب بسبب عدم وجود حكومة قادرة على وقف عمل الميليشيات واخضاعها لسلطة الدولة، فهي تقوم بهذه الأعمال علناً دون أي تتبع ولا محاسبة، حسب التقرير الأميركي.

هذا غيض من فيض لعمليات الإتجار بالبشر في المنطقة العربية ، والذي ذُكر أعلاه ينطبق على عدة دول عربية وإن بأشكال أخرى. وقد أدركت الحكومات خطورة هذه الظاهرة على المجتمعات، فكان لا بد من اتخاذها خطوات باتجاه القضاء على هذه الآفة ، بحيث لم يعد بالإمكان غض النظر عنها، فاتجهت معظم الدول العربية نحو وضع قانون مختص بمكافحة هذه الظاهرة التي وصلت إلى مستوى الجريمة، إلا أن بعض التشريعات العربية إلى الآن لم تتجه إلى سن قانون خاص بمكافحة ظاهرة الاتجار بالبشر يحوي بين طياته العقوبات الرادعة التي تمنع الأفراد من الإقبال على أي فعل من أفعال الاتجار بالبشر، وفي المقابل تتجه بعض الدول إلى إجراء المزيد من التعديلات على قوانينها، بهدف تغليظ العقوبة وجعلها أكثر شدة بحيث تعمل على ردع الأفراد من الإقدام على الاتجار بالبشر.

 وحسب خبير القانون الدولي الدكتور محمود سعيد  في حديث إلى الجزيرة نت، حيث قال: ” أن ظاهرة الاتجار بالبشر باتت قضية شائكة تؤرق المجتمعات العربية بشكل عام، ولا تخص دولة معينة، وإن المنطقة العربية تحتضن كل أنواع الجرائم التي تعد اتجاراً بالبشر، بما فيها الاسترقاق والعمل القسري والدعارة وسرقة الأعضاء”. ويوضح سعيد ، ” أن معظم الدول العربية سنّت قوانين لمكافحة الاتجار بالبشر، لكن الإشكالية تظل في التطبيق وعدم الاعتراف بوجود الظاهرة، مما يؤدي لإفلات المجرمين من العقاب، وإن حجم قضايا الاتجار بالبشر المنظورة أمام المحاكم العربية ضئيل جدا، مما يكشف عن فجوة كبيرة بين واقع الظاهرة والإجراءات المتخذة لتطبيق القانون. واعتبر أن المسؤولية الاجتماعية والأخلاقية تلزم الأجهزة الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص بالتكاتف للحد من تنامي هذه الظاهرة”.

التشريعات الوطنية  الخاصة بمكافحة جريمة الإتجار بالبشر في الدول العربية.

لقد أولت دول عربية عديدة بموجب التزامها بما جاء في بروتوكول الأمم المتحدة الخاص بمنع الإتجار في البشر إهتماماً كبيراً بمكافحة الظاهرة، وسعت إلى تجريمها من خلال إصدار تشريعات خاصة تكافح الظاهرة وتكفل حماية الإنسان من الوقوع في عمليات الإتجار والإستغلال. ويمكن تقسيم هذه الدول إلى ثلاث مجموعات على أساس وضع قوانينها الخاصة بشأن الإتجار. وقد اظهرت دراسة ترتيب المجموعات الثلاث على الشكل الآتي:

المجموعة (1) والتي لديها قوانين شاملة لمكافحة الإتجار، ويأتي ترتيبها على الشكل التالي:

– موريتانيا  ( القانون رقم 25 لسنة 2003 بشأن مكافحة الإتجار بالبشر وتهريب المهاجرين)

– الإمارات العربية المتحدة ( القانون رقم 51 لسنة 2006 بشان مكافحة افتجار بالبشر)

– جيبوتي (القانون رقم 210 لسنة 2007 بشأن مكافحة الإتجار بالأشخاص)

– البحرين ( القانون رقم1 لسنة 2008 بشان مكافحة الإتجار بالبشر)

– عُمان    ( المرسوم السلطاني رقم 126 لسنة 2008 لمكافحة الإتجار بالأشخاص)

– السعودية ( المرسوم الملكي رقم م/40  لسنة 2009  لمكافحة الإتجار بالأشخاص)

– الأردن ( القانون لسنة 2009 بشأن مكافحة الإتجار بالبشر)

– سوريا ( المرسوم التشريعي رقم 3 لسنة 2010)

– مصر ( القانون رقم 64 لسنة 2010 بشان مكافحة الإتجار بالبشر)

– قطر ( القانون رقم 15 لسنة 2011 بشان مكافحة الإتجار بالبشر)

– العراق ( القانون رقم 28 لسنة 2012 بشان مكافحة الإتجار بالبشر)

-الكويت ( القانون رقم 91 لسنة 2013 بشأن مكافحة الإتجار بالأشخاص وتخريب المهاجرين)

-السودان (قانون مكافحة الإتجار بالبشر لسنة 2014)

المجموعة (2) ، الدول التي تناولت قوانينها جريمة الإتجار بالبشر فقط بصفته جزءاً من قانون العقوبات وهي:

-لبنان (القانون رقم 64 لسنة 2011، معاقبة جرائم الإتجار بالأشخاص ، المادة 586 ) ولكن القانون بحاجة لإقرار كافة مراسيمه التشريعية وتحديداً تلك الخاصة لتعويض الضحايا.

الجزائر ( قانون العقوبات، المادة 303)

المجموعة (3) وتتكون من الدول التي ما زالت تعتمد على النصوص القائمة في قانون العقوبات الخاصة للتحقيق في قضايا الإتجار بالبشر، وهي

ليبيا : لديها مواد في قانون العقوبات تحظر الدعارة واٌستغلال الجنسي والرق والإتجار بالنشاء.

المغرب : وفقاً للمرسوم الملكي رقم 1-59-413 لسنة 1962، يحظر قانون العقوبات المغربي العمل القسري، كما يُستخدم قانون الهجرة لسنة 2003 لمقاضاة الجناة في الإتجار بالبشر.

تونس : ينص قانون العقوبات على عقوبة السجن لمدة 10 سنوات عن العمل القسري، وعقوبة تصل لمدة 6 سنوات عن الدعارة. وتحظر المادة 232 من القانون الصادر عام 1913 ، التحريض على دعارة الآخرين بغض النظر عن موافقة أو عمر الشخص.

اليمن : تنص المادة 248 من المرسوم رقم 12 لسنة 1994، بشأن الجرائم العقوبات في قانون العقوبات اليمني على عقوبة السجن لمدة 10 سنوات لأي شخص “يشتري أو يبيع أو يتعامل بالبشر وأي شخص يُحضَر  إلى البلد أو يُخرج شخصاً بغرض استغلاله”. كما تجرّم المادة 161 من قانون حقوق الطفل دعارة الأطفال.

في المحصلة، إن جريمة الإتجار بالبشر لم تعد لصيقة بدول دون اخرى ولا توجد دولة محصنة من تلك الآفة التي تتخطى الحدود في أشكال شتى، والدول العربية ليست حالة استثنائية فيما يتعلق بالإنتشار الواسع لهذه الجريمة، لذا يحاول المجتمع الدولي برمته بما فيه المجتمع العربي إثبات إرادته لمواجهة هذا التحدي العالمي باستجابة عالمية تبحث في طريقة إنفاذ القوانين الرادعة، وسبل محاربة الظاهرة والقضاء عليها نهائياً. 

ورغم توقيع معظم الدول العربية على الإتفاقيات والبروتوكولات الدولية، ورغم المبادرات العربية في سبيل القضاء على هذه الجريمة اللا إنسانية، يبقى عدم الإستقرار السياسي والنزاعات المسلحة التي تشهدها بعض البلدان العربية منذ أكثر من عقدين، وانعكاس ذلك على تهجير الملايين من الأشخاص (خاصة الأطفال والنساء)، إضافة إلى البنية الثقافية والإجتماعية والقانونية لبعض المجتمعات العربية، عوامل تشكل تحدياً لمحاربة هذه الجريمة. 

 فى الوقت ذاته، هناك عقبات أخرى تعيق مواجهة ومكافحة هذه الظاهرة، وهي عدم توفر الإحصائيات والمعلومات الدقيقة حول الحجم الفعلي والأبعاد المختلفة للإتجار بالبشر لاسيما بالنساء والأطفال، ولا يوجد اتفاق حول الحد الأدنى من التقديرات أو البيانات أو المؤشرات لحجم كل شكل من أشكال الاتجار وتوزيعه الجغرافي وهي بيانات تعد ضرورية لمناهضة الجريمة التي لا يمكن وصفها بتعبير” ظاهرة” بدون تحديد حجمها الفعلي. 

إن مواجهة هذه الجريمة والعمل على إنهائها، يتطلب الكثير من الجهد والتعاون  الدولي، كون هذه الجريمة عابرة للحدود، وتتطلب مكافحتها  الإعتراف بوجودها ووضع قوانين صريحة وصارمة لملاحقة ومعاقبة المجرمين.  كما المطلوب من المجتمع الدولي والوطني التعاون لإنهاء الحروب والنزاعات وشيوع الإستقرار السياسي والأمني، لان بدونها يصعب ضبط  ومكافحة هذه الظاهرة. كما يجب تكثيف برامج التوعية عبر المؤسسات الرسمية المعنية ، وعبر كافة وسائل الإعلام (المرئي والمسموع والمقروء)  أيضاً  تكثيف الندوات وإعداد برامج توعية في المدراس والجامعات، إضافة إلى تفعيل دور منظمات المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية وإيلاء اهتمام أكبر بالبيئة المجتمعية (الأسرة)، ووضع برامج وقائية حول أساليب استخدام شبكة الانترنت ، والعمل على الحد من البطالة عبر توفير فرص عمل للشباب ، وتوفير الرعاية الصحية والإجتماعية للضحايا وتعويضهم عن ما يلحق بهم من أذى نفسي وجسدي جراء هذه الإنتهاكات. 

المصادر 

https://www.un.org/ar/observances/end-human-trafficking-day1-

https://arabicpost.net/%d9%85%d9%86%d9%88%d8%b9%d8%a7%d8%aa/2020/09/17/%d8%a7%d9%84%d8

عربي بوست- كرورنا والاتجار بالبشر في افريقيا وبعض الدول العربية

<4D6963726F736F667420576F7264202D20CCD1EDE3C920C2-

https://arabsciences.com/2020/04/04/%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA%D8%AC%D8%A7%D8%B1-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%B4%D8%B1 3

https://futureuae.com/ar-AE/Mainpage/Item/3464/%D8%A7%D9%84%D8%B1%D9%82- D8%B1%D9%82-4

https://jilrc.com/%D8%AC%D8%B1%D9%8A%D9%85%D8%A9-

جريمة%20الإتجار%20بالبشر%20في%20المنطقة%20العربية_%20بحث%20في%20الأسباب%20وسبل%20المجابهة..pd5-

https://youtu.be/B8RAB8KQeA06-

https://www.unodc.org/documents/congress/background-7-information/Human_Trafficking/The_Status_of_Human_Trafficking_Legislation_in_the_Arab_World-_Arabic.pdf8-

9-مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان/ بروتوكول منع ومعاقبة الاتجار بالبشر

Show More

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button