Site icon Arab Organization for Human Rights in Scandinavia

كورونا شمّاعة السلطات لممارسة الإنتهاكات ضد حقوق الإنسان

كورونا شمّاعة السلطات لممارسة الإنتهاكات ضد حقوق الإنسان

نعمت بيان / مستشارة المرأة والطفل في المنظمة العربية لحقوق الإنسان في الدول الإسكندنافية

جائحة كورونا التي قلبت حياة البشرية رأسا” على عقب ، وأرخت بظلالها  الثقيلة والموجعة على حياة الأفراد والجماعات وتسببت بأضرار بالغة على الصعيد الإقتصادي  والمالي، وتداعيات خطيرة على المستويات الإجتماعية والصحية والنفسية والسياسية ، استوجبت اتخاذ إجراءات قاسية وصارمة لمنع من إنتشار العدوى حفظا للسلامة العامة والحدّ من خسارة الأرواح. وفي الوقت الذي  تتضافر فيه جهود معظم دول العالم لوضع حد لإنتشار هذا  الفيروس، إستغلت بعض دول الشرق الأوسط وشمال افريقيا هذا الوباء ليتم توظيفه كوسيلة ناجعة لزيادة حالة القمع وتضييق الخناق على الحريات العامة،  ومنع التظاهرات والتجمعات وزيادة الرقابة والقيود على حرية التعبير، والقيام بالإعتقالات التعسفية التي طالت نشطاء ومعارضين وصحفيين وحقوقيين تحت حجة منع إنتشار العدوى ،  ورفض إطلاق سراح معتقلي الرأي بالرغم من المخاطر الصحية التي يواجهونها داخل السجون المكتظة. والمشهد الغير عادي في بعض الدول العربية هو أن الشوارع أصبحت فارغة إلا من المدرعات العسكرية التي عملت على فرض الحجر الصحي وحظر التجوال. وهذا شكّل أكبر تحدي لحقوق الإنسان، حيث أشارت تقارير لمنظمات حقوق الإنسان إن الكثير من هذه الدول  وجدت في جائحة كورونا فرصتها الذهبية لممارسة شتى أنواع الإنتهاكات ضدّ حقوق الإنسان. 

لبنان المثال الصارخ في إستفحال استخدام  المنظومة السياسية/الأمنية الفاسدة جائحة كورونا للإنقضاض على جماهير الحراك الشعبي الذي إنتفض في 17 تشرين  رفضا” لسياسة الفساد  التي اوصلت  البلاد الى الهاوية. تُضاف اليها فاجعة إنفجار مرفأ بيروت في 4 آب 2020 ، الذي أُعتبر  جريمة ضدّ الإنسانية، هذا الإنفجار المروّع الذي سوّى نصف العاصمة في الأرض ، وراح ضحيته المئات وشرد الالآف، ليأتي  كوفيد -19 كجرعة زائدة لهذه المنظومة الفاشلة لتنّقض على الحراك والناشطين الذين نزلوا الى الساحات  عقب هذا الكارثة للتعبير عن قمة الغضب على ما ارتكبته  هذه السلطة من إجرام واهمال، حيث قامت الأجهزة الأمنية بتحطيم كل الخيم المنصوبة من قبل المتظاهرين في وسط بيروت وازالتها بشكل كلي،  واستخدمت القوة المفرطة والخطيرة والغير قانونية للسيطرة على الإحتجاجات حسب منظمة العفو الدولية ، وقد اتهم الناشطون السلطة اللبنانية بإستغلال أزمة انتشار كورونا بالإنقضاض على ساحات الإعتصام ،  كما قامت هذه الأجهزة بإعتقال العديد من الناشطين وزجهم في السجون . كما حصل في طرابلس “عروس الثورة” في نهاية  كانون الثاني 2021  عندمل نزل المتظاهرون للتعبير عن سخطهم وغضبهم لما آالت اليه الأوضاع المعيشية، وقد واجهتهم القوى الأمنية بالقمع المُفرط والصاق تُهم الإرهاب والسرقة على المحتجين وقداستشهد متظاهر وأُعتقل 35 شخصا”. وأحدث الإنتهاكات التي ارتكبتها هذا السلطة المتهالكة هي فضيحة تهريب اللقاحات إلى مجلس النواب من دون إعتماد معيار الأولوية المُتبعة في منصة تسجيل الأسماء الرسمية ومن دون موافقة اللجنة الوطنية لإدارة اللقاح بلا تقديم أي تبرير واضح لما حصل. 

الوضع ليس بأفضل حال في البلدان العربية الأخرى. ففي العراق، الوضع أكثر سوءا” وخطورة  نتيجة تحكم مليشيات الملالي الطائفية بمقدرات العراق.  فقبل انتشار وباء كورونا وخلاله تمار س مليشيات الملالي ابشع أنواع القمع والقتل والخطف بحق الناشطين السلميين . فالمجزرة المرّوعة التي وقعت في محافظة  صلاح الدين في اكتوبر 2020  التي راح ضحيتها 12 شخصا” واختطاف اكثر من 16 آخرين، آثارت مخاوف من جرائم لأحقة تقوم بها المليشيات المتفلتة بحق المواطنين الأبرياء. وقد عبّر أحد الناشطين في تغريدة له:” في العراق قد تنام ليلتك كما كل ليلة، لتجد نفسم بعد ساعات جثة هامدة على أرضية ثلاجة الأموات في إحدى المستشفيات تتكفل بذلك قوة رسمية تتبع للدولة العراقية”.

وقد أعلنت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق، جينين هينيس _بلاسخارت في تقرير لها  في 27 آب/اغسطس 2020 : ” من دواعي القلق الشديد استمرار استهداف وقتل النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان. هذا ليس عنفا” عشوائيا”، بل هو إسكات متعمد للأصوات السلمية ، إلى جانب الإفلات التام من العقاب الذي يتمتع به الجناة. بدون محاسبة، ستبقى الجرائم المرتكبة مجرد إحصائيات وأرقام على الورق“. كما أضافت ” إن تعرّض الأشخاص للتعذيب وسوء المعاملة والخطف والإختفاء والإعتقال التعسفي لمجرد ممارسة حقهم في التجمع السلمي وحرية التعبير، امر غير مقبول. حيث لكل فرد الحق في التظاهر السلمي والتعبير علنا” عن إحباطه من عدم قدرته على إعالة نفسه”.

في الجزائر استغلت السلطات أزمة كوفيد-19 لفرض قبضتها على المجتمع المدني والإعلامي.  ففي بيان لمنظمة العفو الدولية  طالبت فيه الحكومة الجزائرية بشكل عاجل الإفراج عن السجناء  وخاصة المحتجزين احتياطيا”، وأولئك الذين يكونون أشد عرضة للإصابة بفيروس كورونا وأن تتخذ الإجراءات اللازمة لحماية صحة كافة السجناء”. لكن السلطات الجزائرية لم تستجب لهذه الدعوة، بل قامت باعتقال صحفيين  ووضعتهمم رهن الحبس الاحتياطي. 

أما في المغرب ، فالوضع مشابه حيث الإعتقال طال أشخاصا” لم يلتزموا الحجر المنزلي، والذين فُرض عليهم غرامات باهظة وصولا” الى دخول السجن. وتخشى منظمات حقوقية من القوانين التي تنظم عمل مواقع التواصل الإجتماعي من فرض قيود على حرية الرأي والتعبير.

في تونس، تدخلات تعسفية للشرطة ضدّ أشخاص خرجوا من منازلهم للتسوق، لذلك  دعت الرابطة التونسية لحقوق الإنسان الحكومة الى تقديم إيضاحات حول التدابير المُتخذة بشأن الحجر الصحي. 

في الأردن وبعد توقيع الملك عبد لله على قانون الدفاع الذي يُفَعل فقط في حالات الطوارىء حيث  يمنح بموجبه سلطات استثنائية للحكومة، فقد تم اعتقال مئات الأشخاص لعدم التزامهم لأوامر حظر التجول،  مما دفع منظمة “هيومن رايتس ووتش” المدافعة عن حقوق الإنسان الى دعوة الأردن إلى الإلتزام بعدم الإنتقاص من الحقوق الأساسية للمواطنين.

في مصر دقت العديد من عائلات سجناء الرأي ناقوس الخطر، خوفا” من كارثة قد تنجم عن تفشي كورونا في سجون مصر المكتظة  بالسجناء والغير مستوفية الشروط الصحية. وبحسب منظمات المجتمع المدني ، يوجد في مصر حوالي 60 الف سجين سياسي. ودعت منظمة العفو الدولية إلى الإفراج الفوري والغير مشروط عن سجناء الرأي. لكن السلطات أفرجت فقط عن 15 سجينا” سياسيا”. كما استهدفت الحكومة وسائل إعلام عدة شككت بالحصيلة الرسمية لعدد المصابين ، حيث أفادت صحيفة الغارديان البريطانية أن مراسالتها أُرغمت على مغادرة البلاد بعد مقال اعتبرته السلطات ذات نوايا سيئة.

” ما بدأ كأزمة صحية تحول إلى أزمة لحقوق الإنسان”، هكذا وصفت الأمم المتحدة، ما آلت إليه الأمور فيما يتعلق باستغلال عدة أنظمة سياسية في العالم للجائحة، في ارتكاب انتهاكات متعددة لحقوق الإنسان، من عمليات مراقبة إلى حجب للمعلومات، إلى استهداف للناشطين في المجال الحقوقي.

ووفقا لما قاله أنطونيو جوتيريش،الأمين العام للمنظمة الدولية بهذا الصدد، فإن وباء كورونا، لايجب أن يُستغل كذريعة من قبل الدول الدكتاتورية، لإنتهاك حقوق الإنسان الفردية، وقمع تدفق المعلومات، مشيرا إلى أن ما بدأ  كحالة طوارئ صحية في العالم، يتحول بسرعة إلى أزمة لحقوق الإنسان.

ويأتي اهتمام الأمم المتحدة بالقضية، في وقت تحذر فيه عدة وسائل إعلام، ومنظمات حقوقية دولية، من استغلال أنظمة شرق أوسطية،لجائحة كورونا وما فرضته من ظروف إستثنائية، بهدف تأبيد ما هو استثنائي بفعل الجائحة، واستغلال انشغال الناس بالجائحة، لتنفيذ عمليات ملاحقة للمعارضين السياسيين، وتمديد لقوانين الطوارئ الاستثنائية.

https://www.amnesty.org/ar/

https://www.unhcr.org/ar/596220764.html

https://www.ohchr.org/Documents/Countries/IQ/Demonstrations-Iraq-UNAMI-OHCHR

Exit mobile version