الأمم المضطهدةالعالمبیانتقاريرحقوق الإنسان

اليوم الدولي لمكافحة الإتجار بالممتلكات الثقافية

نعمت بيان – مستشارة المرأة والطفل في المنظمة العربية لحقوق الإنسان في الدول الاسكندنافية

يعكس التراث الثقافي الإنساني  ما توصلت اليه حضارات الدول عبر التاريخ. فكل حضارات العالم العريقة ورقيّها مرتبطة بمخزونها الثقافي الذي يحكي مسيرة الدول الثقافية عبر التاريخ . فهو يتنقل من جيل الى جيل بعاداته وعلومه وآدابه وفنونه، لبيقى مكّون أساسي في الذاكرة الجمعية للشعوب.

 وتُعرّف اليونسكو الثقافة بأنها ” مجموعة من السمات الروحية والمادية والفكرية والعاطفية المميزة للمجتمع أو لمجموعة اجتماعية، وتشمل بالإضافة إلى الفن والأدب، أساليب حياة وطرائق العيش معاً، ومنظومات القيم والتقاليد والمعتقدات”. ولذلك فإن الثقافة تكّون هوية الناس وتحدد تراثهم. فلا إنسانية ولا حكم نقدي ولا التزام اخلاقي من دون ثقافة. ويُنظر إلى الثقافة أيضاً على نحو متزايد على أنها عنصر أساسي في الاستدامة. وهذا ما أكده إعلان هانغزو  لعام 2013 على امكانات الثقافة لتحقيق تنمية اجتماعية واقتصادية شاملة من أجل التناغم والاستدامة الإيكولوجية والسلام والأمن.

لذا كان اليوم الدولي  لمكافحة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية الذي اعتمدته اليونسكو في 14 تشرين الثاني/نوفبمر في عام 2019 ، لتذكير العالم بأن السرقة والنهب والاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية تحدث في جميع البلدان، وتسلب أهلها ثقافتهم وهويتهم وتاريخهم. وحسب اليونسكو، يُعزى الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية لأسباب عديدة، من بينها الجهل بقيمة هذا الموروث الثقافي  وسوء الأخلاق التي تُعد من أسبابه الجذرية، إضافة إلى السعي الحثيث وراء الثروة والتي تزيد من عمليات التنقيب على الآثار وبيعها خاصة في غفلة من بعض الدول التي التي ترزح تحت وطأة ظروف سياسية واقتصادية وامنية صعبة. تعمل المافيات وعصابات الاتجار بالممتلكات الثقافية على نقل هذه الممتلكات بصورة غير شرعية في أغلب الأحيان، وذلك من خلال الأسواق غير المشروعة في جمع أنحاء العالم أو من خلال الأسواق المشروعة مثل المزادات، بما في ذلك وسائل الأنترنت. 

اتفاقية 1970 الخاصة بمكافحة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية

تحث اتفاقية عام 1970 المعنية بوسائل حظر ومنع استيراد وتصدير ملكية المملتكات الثقافية بطرق غير مشروعة ، الدول الأطراف على اتخاذ تدابير تحظر وتمنع الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية. وتوفر إطاراً مشتركاً للدول الأطراف بشأن التدابير التي يتعين اتخاذها لحظر ومنع هذه الجريمة. وتولي الاتفاقية أهمية كبرى لمسألة إعادة الممتلكات الثقافية وردها إلى البلد المعني /المصدر، حيث أن رسالتها لا تقتصر على صون هوية الشعوب والإبقاء على تاريخها، بل يقع على عاتقها أيضاً وبشكل أساسي مسؤولية حماية هذه الهوية والذود عنها.  ومن هذا المنطلق ، فإن اتفاقية 1970 تتماشى تماماً مع أهداف التنمية المستدامة المحددة في جدول أعمال الأمم المتحدة لعام 2030. 

مبادىء اتفاقية عام 1970

1.الوقاية 

تولي اتفاقية 1970 مكانة مركزية ودوراً هاماً لإجراءات الوقاية. ويتكون مبدأ الوقاية بكونه أمرأ أساسياً في مكافحة الاتجار غير المشروع للمتلكات الثقافية من:

-إقامة قوائم جرد بشكل منتظم.

-إبرام شهادات تصدير.

-تطبيق سياسات الرقابة وإنفاذ اعتمادات التجار.

-تطبيق نظام العقوبات للمخالفات الإجرامية والإدارية.

-تنظيم الحملات المعلوماتية والتثقيفية.

2.إعادة الممتلكات الثقافية

تحتوي الماداتان  7 و13 من اتفاقية 1970 على أحكام تنص على استرداد وإعادة الممتلكات، حيث تنص الفقرة (ب) “2” من المادة 7 بخصوص القطع المدرجة في قوائم الجرد والمسروقة من متحف أو من أثر عام، ديني أو علماني،على أن تتعهّد الدول الأطراف في الاتفاقية باتخاذ التدابير المناسبة لمصادرة واسترداد وإعادة الممتلكات الثقافية المسروقة والمستوردة. وتنص المادة 13 على تحمّل الدول الأطراف على الصعيد الوطني مسؤولية استرداد الممتلكات، والتآزر فيما بينها بهذا الخصوص. ( ووفقاً للمادة 7 من الاتفاقية، استطاع العراق من استرداد بعض ممتلكاته الثقافية والتاريخية التي سُرقت في التسعينات وبعد الإحتلالين الأميركي -الإيراني).

3. التعاون الدولي

ينص أحد المبادىء التوجيهية في اتفاقية 1970 على تعزيز التعاون الدولي بين الدول الأطراف. حيث تلزم المادة 9 من الاتفاقية الدول الأطراف بالمشاركة في عمل دولي متكافل. وتتيح أيضاً إمكانية اتخاذ إجراءات محددة على نحو أكبر في إطار التعاون الدولي مثل التفاوض على المعاهدات الثنائية استناداً إلى المادة 9 ، أو مراقبة الصادرات والواردات والتجارة الدولية بالممتلكات الثقافية. 

الدول الأطراف الموقعة/المُصادقة على اتفاقية 1970 

قامت 140 دولة بالمصادقة على اتفاقية 1970، حيث يتيح هذه التصديق الفرصة لبذل جهود متعاضدة لمكافحة الاتجار غير المشروع، والذي يُعتبر جزءاً من دينامية التعاون الدولي الخاص باليونسكو وباتفاقية 1970.

دخلت الاتفاقية حيّز التنفيذ في 24 نيسان/أبريل عام 1972 وذلك بالنسبة للدول التي أودعت صكوك تصديقها أو قبولها أو موافقتها أو انضمامها في الـ 24 من يناير لعام 1972 أو قبل ذلك التاريخ. إذ تدخل الإتفاقية حيز التنفيذ بعد ثلاثة أشهر من إيداع الدولة صك التصديق علة الاتفاقية أو قبولها طرفاً فيها. وينبغي على الدول الأطراف :

عتماد تدابير الحماية على أراضيهم (مادة 5) من خلال:

صياغة مشروع تشريع وطني ملائم.

إنشاء خدمات وطنية لحماية التراث الثقافي.

الترويج للمتاحف والمكتبات ودور المحفوظات.

إنشاء قوائم جرد وطنية .

تشجيع اعتماد مدونات قواعد السلوك لتجار الممتلكات الثقافية.

تنفيذ برامج تعليمية لتنمية احترام التراث الثقافي.

*الرقابة على حركة الممتلكات الثقافية (من المادة 6 إلى المادة 9) وذلك عن طريق :

استحداث نظام لاستخراج شهادات تصدير.

حظر تصدير الممتلكات الثقافية ما لم تكن مصحوبة بشهادات تصدير.

منع المتاحف من شراء القطع المُصدّرة من إحدى الدول الأطراف الأخرى دون شهادة تصدير.

حظر استيراد القطع المسروقة من المتاحف أو المؤسسات الدينية أو الآثار العامة.

اعتماد حظر استيراد الممتلكات الثقافية أثناء حالات الطوارىء في حالة تعرض التراث الثقافي لدى أي دولة من الدول الأطراف لخطر أعمال النهب المكثفة للتحف الأثرية والأنطولوجية (كما هي الحال في أفغانستان، العراق، سوريا وغيرها).

*استرداد وإعادة الممتلكات الثقافية المسروقة (مادة 7)

بناءُ على طلب أي دولة من الدول الأطراف في حالة ما إذا كانت دولة المنشأ، يمكن لدولة طرف أخرى مصادرة وإعادة الممتلكات المسروقات من متحف أو مؤسسة دينية أو أثر عام إلى أراضيها. وذلك عبر:

تقديم الطلب من خلال القنوات الدبلوماسية.

توثيق القطعة الأثرية كجزء من قائمة جرد المؤسسة.

يتعين على الدولة المتقدمة بالطلب دفع تعويض منصف لأي مالك في حالة ما إذا كان قد قام بشراء قطعة عن حسن نية أو في حالة حمله لقباً معتمداً وفقاً للقانون الوطني.

يتعين على الدولة المتقدمة بالطلب توفير جميع الأدلة الداعمة لمطالبها.

استعادة أقدم لوحة بالتاريخ لملمحة جلجامش

إن الاتجار غير المشروع باللمتلكات الثقافية قائم منذ القدم، وينشط بشكل ملحوظ خلال حالات الطوارىء والحروب، حيث تعمل مافيات هذه التجارة على استغلال ظروف الدول غير المستقرة لتقوم بسرقة وتهريب الأثار التريخية الوطنية بغاية في الربح الوفير. وقد ظهرت هذه الحالات في العديد من الدول العربية التي شهدت نزاعات وحروب وظروف غير مستقرة على سبيل المثال لا الحصر ( العراق ،سوريا، افغانستان ……)

* إن اكبر عمليات السرقة والمتاجرة غير المشروعة للممتلكات الثقافية حصلت في العراق، حيث استغلت المافيات والعصابات  المرتبطة بذيول الإحتلال ظروف الحرب لسترق وتُهرب  أغنى وأهم ثروة ثقافية، إنسانية وتاريخية عرفتها البشرية والتي يتجاوز عمرها الآف السنين. ولكن وبفضل مساعي الأمم المتحدة تمكن العراق من استعادة أقدم وأندر لوح في التاريخ الإنساني لملحمة جلجامش وهو من أقدم الأعمال الأدبية في التاريخ، والذي يعود تاريخه لسنة 3500 قبل الميلاد، بعد تعرضه للسرقة في تسعينات القرن الماضي، كما استعاد 17 الف قطعة أثرية دقعة واحدة من الولايات المتنحدة الأميركية برعاية الأمم المتحدة. ولكن لا تزال العديد العديد من القطع الأثرية التاريخية التي سُرقت وهُربت إلى الكيان الصهيوني  عبر وكلاءه المرتبطين به.

في النهاية، ولمكافحة ومنع هذه الظاهرة المهددة للموروث الثقافي الانساني التاريخي للدول وصوناُ له، لا بد من مشاركة الجميع ، مؤسسات وأفراد ومنظمات حتى تتوقف عمليات التهريب واالنهب المحموم للتراث العالمي. مع زيادة الوعي العام والتعريف بأهمية التراث الحضاري والحفاظ عليه، والحرص على إحاطة الحكومات والمؤسسات الثقافية وسوق الأعمال الفنية بكافة المعلومات اللازمة، والتحلي بأخلاقيات المهنة عند شراء وبيع القطع الفنية والثقافية ، وسن قوانين للذود عن التراث الثقافي والممتلكات الثقافية، إضافة إلى إنشاء سلطات إنفاذ متخصصة للتحقيق في التجارة غير المشروعة ومكافحتها.

فهل من يعي أهمية الحفاظ على الموروث الثقافي والكنز الحضاري والتاريخي للبشرية؟؟

https://ar.unesco.org/ommemorations/dayagainstIllicit1.

2. بلس/ثقافة-وفنون/الاحتفاء-باليوم-الدولي-لمكافحة-الاتجار-ﺑﺎلممتلكات-الثقافية –https://www.sayidaty.net/node/1306116/%D8%A8%D9%84%D8%B3/%D8%AB

Show More

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button