الطفلالعالم

أطفال السودان ضحايا وقرابين الصراع العسكري العبثي !

المشهد الدامي الذي تعيشه السودان منذ 15 أبريل/نيسان 2023 نتيجة الصراع العسكري الذي يدمي القلوب قبل العيون، أودى بانزلاق السودان إلى هاوية الحرب الذي بدروه أودى بحيات المئات وتسبب في كارثة إنسانية خطيرة، إضافة إلى نزوح جماعي إلى الدول المجاورة، الذي بدوره سيجلب تدخل قوى خارجية، مما يزيد من طين الأزمة بلّة حيث سيزيد من زعزعة استقرار وأمن السودان والسودانيين.

إن استمرار القتال بين المكونين العسكريين المتناحرين الرافضين لوقف القتال، أدى إلى تدمير المؤسسات والمرافق الحيوية العامة والخاصة، وآخرها ما تعرض له مطار الخرطوم من تدمير، حتى المستشفيات ودور الرعاية الصحية والاجتماعية لم تنج من القصف، حيث طال القصف دور الأيتام وأودى بحياة العديد من أطفال الميتم مما اضطر القيمون عليه وبالتعاون مع منظمة اليونيسف لنقلهم إلى مكان أكثر أمانا”.

أطفال السودان في مرمى الخطر والمنظمات الدولية تناشد وقف القتال وتوفير ضمانات أمنية لمواصلة الدعم الإنساني!

وثقت منظمة اليونيسف أن تسعة أطفال على الأقل قتلوا وأُصيب أكثر من 50 نتيجة استمرار القتال بين القوات العسكرية المتناحرة. وقد حذّر المتحدث باسم اليونسف جيمس الدر ” من أن الأطفال المصابين بأمراض خطيرة يحتاجون إلىمساعدة إنسانية عاجلة”، ويضيف الدر: ” لدينا الآن 50.000 طفل في خطر، وعندما يبدأ القصف خارج المستشفى يضطر الطاقم الطبي للفرار”.

هذا وقد تم نقل 297 طفلاً من ملجأ المايقوما للأيتام في الخرطوم إلى مركز عبور في موقع أكثر أمانا حسبما ما قالته مانديب أوبراين، ممثلة اليونيسف في السودان. 

 وفي حديث صحفي لمدير الإعلام في مكتب اليونيسف الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا عمار عمار، توقع فيه أن يكون العدد الحقيقي أكبر بكثير وسط شح الإمدادات الأساسية والمعلومات بسبب المعارك الضارية.  ويضيف السيد عمار أنه:” بالإضافة إلى الوفيات والإصابات بين الأطفال، هناك أيضاً عوامل أخرى تؤثر بشكل كبير عليهم وعلى صحتهم بشكل خاص، بما في ذلك في مجال الصحة النفسية. هؤلاء الأطفال موجودون في مناطق الاشتباكات، ويسمعون أصوت الرصاص والمدافع والقنابل. فهذه الاشتباكات تولد ضغوطاً نفسية شديدة لديهم، وتؤثر على صحتهم النفسية”.

أما فيما يتعلق بالمستشفيات، هناك العديد منها أصبحت خارج الخدمة بسبب الاستهداف أو بسبب عدم قدرة الموظفين على الوصول إليها أو عدم وجود المواد الكافية لإسعاف الجرحى. وبالتالي هذا عامل إضافي ممكن أن يؤثر على حياة الأشخاص، وخاصة الأطفال الذين هم بحاجة إلى رعاية طبية عاجلة.

هذا وقد دفع إغلاق المدارس الملايين من الاطفال الى الخروج من فصولهم الدراسية – مما ترك فتاة من بين كل ثلاث فتيات وواحد من كل أربعة فتيان غير قادرين على التعلم. كان الأطفال يعانون أيضًا من سوء جودة التعليم، فحوالي 70% من الأطفال في سن العاشرة غير قادرين على القراءة.

كما تتسبب أحداث العنف في نزوح الأطفال وتعرضهم لاحتمال المزيد من الانتهاكات الجسيمة، بما في ذلك التجنيد والاستخدام من قبل الجماعات المسلحة، فضلاً عن العنف الجنسي.

لا بد من الإشارة إلى أنه قبل اندلاع الأزمة، كان السودان من أكثر الدول في العالم التي فيها سوء تغذية، حيث كان هناك أكثر من ثلاثة ملاين طفل يعانون من سوء التغذية حسب التقارير الأممية، منهم 611 ألفاً يعانون من سوء التغذية الحاد ومن ضمنهم 50 ألفاً بحاجة إلى رعاية علاجية مكثفة ومستمرة حتى يتحسن وضعهم.

كما يُذكر أن العديد من مراكز التغذية أو المستشفيات المتخصصة موجودة في مناطق الاشتباكات أو أقفلت بسببها، وبالتالي هناك عدد كبير من الأطفال الذين لا يستطيعون الوصول إلى هذه الأماكن، وهي حاجة ماسة للأطفال المصابين بسوء التغذية حيث يجب أن يتبعوا برنامجاً مكثفاً لكي يستردوا صحتهم تدريجيا”.

الأخطر حسب تقارير اليونيسف أن هناك 1700 طفل من هؤلاء الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية الحاد، لديهم أيضاً مضاعفات صحية. هؤلاء الأطفال بحاجة إلى رعاية مستمرة على مدار الساعة. لذا فإن أي استهداف أو خلل بالخدمات المقدمة لهؤلاء الأطفال ستعرضهم لخطر الوفاة بشكل مباشر. كما ان الاشتباكات وشح المواد الأساسية، واستهداف المستشفيات أو إقفالها، ستؤدي لأن يكون هناك عدد كبير من الوفيات بين هذه الفئة من الأطفال.

 لذا تشعر المنظمات الدولية بقلق بالغ إزاء تأثير النزاع الطويل على الأطفال، وتدعو جميع أطراف النزاع والمجتمع الدولي إلى بذل المزيد من الجهود بشكل عاجل لحماية الأطفال في السودان، بما في ذلك:

  • الحفاظ على وقف إطلاق النار واحترامه، وضمان إمكانية استعادة الدعم الإنساني.
  • يجب على جميع أطراف النزاع السعي للسلام من أجل أطفال السودان وإعادة فتح المدارس، فالمدارس ليست مجرد أماكن تعليمية للأطفال، ولكنها أيضًا أماكن آمنة تحميهم من سوء المعاملة والاستغلال، بما في ذلك التجنيد من الجماعات المسلحة. وقد أصبحت أزمة التعلم في السودان كارثة للأجيال وتتطلب إجراءات عاجلة.
  • على جميع الأطراف حماية الأطفال ومنع تجنيدهم واستخدامهم من قبل الجماعات المسلحة.

 كما حذرت كاثرين راسل المديرة التنفيذية لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسف” في بيان لها” أن الوضع في السودان يتجه نحو كارثة، ويعلق الأطفال على نحو متزايد وسط تبادل إطلاق النار”. وأضافت “يتعين وقف العنف من أجل أطفال السودان”. ودعت اليونيسف الطرفين المتصارعين إلى ضمان عدم وقوع الأطفال على خط النار، بما في ذلك من خلال وقف الهجمات على المراكز الصحية والمدارس ومحطات المياه.

  إن القتال المستمر بين طرفي الصراع يساهم في تهديد حياة ومستقبل العائلات والأطفال، مما يؤدي إلى انقطاع الخدمات الأساسية وإغلاق العديد من المرافق الصحية والتعليمية أو إتلافها أو تدميرها، كما يعيق عمل المنظمات الإغاثية التي تطالب وتناشد أن تكون هناك أولا هدنة إنسانية تمكن المنظمات الإنسانية من الوصول والقيام بعملها، وثانيا” إعطاء الضمانات الأمنية الكاملة للمنظمات الإنسانية حتى تقوم بعملها على أرض الميدان.

اليوم باتت الحاجة إلى المساعدات الإنسانية ماسة أكثر من أي وقت مضى بالنسبة للأطفال في السودان، حيث يكافح السكان الأكثر هشاشة للبقاء على قيد الحياة وحماية أنفسهم، حيث بات من الصعب بشكل متزايد تأمين الوصول إلى الضروريات الأساسية. 

وقد حذرت أديل خضر، المديرة الإقليمية لليونيسف في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا انه: “مع احتدام النزاع في السودان، يستمر الأثر المدمر على الأطفال في الازدياد يومًا بعد يوم. هؤلاء الأطفال ليسوا مجرد أرقام، إنهم أشخاص لهم عائلات وأحلام وتطلعات. إنهم مستقبل السودان، ولا يمكننا أن نقف مكتوفي الأيدي بينما يمزق العنف حياتهم. يستحق أطفال السودان فرصة للبقاء والنماء. يجب ألا يدخر جميع الأطراف أي جهد من أجل حماية الأطفال وحقوقهم”.

ختاما”، إن الوضع الذي كان مأساويًا بالنسبة للأطفال أصلاً قبل النزاع هو الآن في مستويات كارثية، حيث إن الحصول على الغذاء والمياه الصالحة للشرب والكهرباء والاتصالات أمر غير منتظم أو غير متاح أو لا يمكن تحمل تكاليفه. ناهيك عن فرار أكثر من مليون شخص من ديارهم ونزحوا داخليًا في السودان، بما في ذلك 319 ألف شخص عبروا الحدود إلى البلدان المجاورة حتى الآن، ويعتقد أن نصفهم من الأطفال.

فبدون استجابة إنسانية فورية وواسعة النطاق، سيكون لعواقب النزوح ونقص الخدمات الاجتماعية الأساسية والحماية آثار مدمرة وطويلة الأجل على الأطفال الذين هم من يتحملون وطأة النزاع في السودان، انهم يموتون، ومستقبلهم يُسلب منهم.

فمن ينقذ أطفال السودان من هذه الكارثة الإنسانية ومن عواقب هذه الحرب العبثية؟

نعمت بيان – مستشارة المرأة والطفل في المنظمة العربية لحقوق الإنسان في الدول الاسكندنافية

نقل-مئات-الأطفال-المستضعفين-بأمان-من-دار-الأيتام-في-الخرطوم/البيانات-الصحفية1. 

https://www.unicef.org/sudan/ar

2. https://news.un.org/ar/story/2023/04/1119907

Show More

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button