Site icon Arab Organization for Human Rights in Scandinavia

القليل من الإنجازات والكثير من الإخفاقاتالمرأة في يومها العالمي   

المرأة في يومها العالمي

القليل من الإنجازات والكثير من الإخفاقات

نعمت بيان – مستشارة المرأة والطفل في المنظمة العربية لحقوق الإنسان في الدول الاسكندنافية.

8/3/2022

يحتفل العالم باليوم العالمي للمرأة في الثامن من آذار من كل عام كتقدير لنضال المرأة لمستقبل قائم على المساواة وخال من الوصم الاجتماعي والعنف، مستقبل مُستدام وسليم يتمتع فيه الجميع بالحقوق والفرص المتساوية. ويأتي الاحتفال بهذ اليوم في ظل ظروف قاسية  يعيشها العالم جراء النزاعات االمسلحة في العديد من البلدان / خاصة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وجائحة كورونا وتداعياتها الصحية والاجتماعية والنفسية والاقتصادية. ورغم بعض التقدم والانجاز الذي لامسته المرأة ، إلا أن تمثيلها مازال ناقصاً في الحياة العامة ومناصب صنع القرار. فحسب تقرير الأمين العام للأمم المتحدة، ” تشغل النساء منصب الرئاسة أو لحكومات في 22 دولة، وتشكل النساء 24.9% فقط من أعضاء البرلمان على الصعيد الوطني. وبمعدل التقدم الحالي، سيستغرقنا الأمر 130 عاماً لتحقيق المساواة من حيث النوع الاجتماعي بين رؤساء الدول”.

أما جائحة كورونا كان لها تداعيات كبيرة على النساء في معضم دول العالم، فالنساء كنّ في طليعة المعركة  في مواجهة فيروس كوفيد-19، كعاملات في الخطوط الأمامية في القطاع الصحي، ممرضات وطبيبات ومقدمات رعاية، ومع ذلك يتقاضين رواتب أقل بنسبة 11% على مستوى العالم من نظرائهم الذكور حسب تقارير الأمم المتحدة. وقد وجد تحليل لفرق عمل كوفيد-19 من 87 دولة أن 3.5% فقط منهن حقق التكافؤ من حيث النوع الاجتماعي.

ولهذا السبب أطلق في اليوم العالمي للمرأة العام الفائت (2021)، صرخة حاشدة “لجيل المساواة”، من أجل العمل لمستقبل متساوٍ للجميع. و”منتدى جيل المساواة” هو  أبرز تجمع نسوي عالمي في التاريخ  (من 30 حزيران/يونيو  إلى 2 تموز /يوليو 2021)  بعد آخر مؤتمر عالمي معني بالمرأة عقدته هيئة الأمم المتحدة قي بيجين عام 1995. 

زيادة مشاركة المرأة في المجالس التشريعية بنسبة 6% على الصعيد العالمي

بعد الانتخابات التي جرت في عدة بلدان عام 2020، زادت نسبة البرلمانيات بمقدار 0.6% مقارنة بعام 2019 حسب تقرير الأمم المتحدة. وخص الأمين العام للاتحاد البرلماني الدول مارتن تشانغونغ بالذكر دول حققت التكافؤ بين الجنسين في التمثيل البرلماني وهي رواندا وكوبا ودولة الإمارات العربية المتحدة. ووصف رواندا بأنها مثال يُحتذى به في تمثيل النساء في الحكومة. ولدى استعراضه تقرير “النساء في البرلمان” قال الأمين العام للاتحاد “شهدنا أدلة على وجود فرص أكبر لتعزيز المساواة بين الجنسين في الدول الخارجة من الصراعات التي أُتيح لها إعادة تشييد أسس المجتمع والأطر القانونية”.

هذا وينادي الاتحاد البرلماني الدولي بإتباع نظام الحصص المخصصة للمرأة (الكوتا) باعتباره عنصرا أساسيا في تحقيق التقدم في التمثيل النسائي كما أظهرت انتخابات العام الماضي حيث اُتبع هذا النظام في 25 دولة من 57 أجرت انتخابات برلمانية. وفيما سُجل التقدم في كل مناطق العالم خلال العام الماضي، إلا أن منطقة الأمريكتين حققت أكبر تقدم إذ تمثل النساء ما يصل إلى 34.2% من أعضاء البرلمان، وتزيد النسبة في شيلي وكولومبيا والإكوادور.

وفي الدول الأفريقية الواقعة جنوب الصحراء، حققت مالي والنيجر مكاسب كبيرة في تمثيل المرأة على الرغم من التحديات الأمنية. ويرى الاتحاد البرلماني الدولي أن ذلك يدل على أن دور المرأة في العمليات الانتقالية رئيسي لتمكينهن السياسي. وتأتي أقل نسبة للمشاركة البرلمانية للمرأة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إذ تقدر بـ 17.8% في المتوسط.

نسبة مشاركة المرأة العربية في المجالس التشريعية حسب إحصائيات البنك الدولي لعام 2020:

حسب البيانات، أتت الأمارات العربية في مقدمة البلدان العربية في التمثيل البرلماني واليمن في أدنى المستويات وتليها عُمان ولبنان! والنسب أتت على الشمل التالي:

الإمارات العربية المتحدة 50%، السودان 31%،  جنوب السودان 28%، مصر 27%، الجزائر 26%، العراق 26%، جيبوتي 26%، تونس 25%، الصومال 24%، المغرب 21%،  السعودية 20%، موريتانيا 20%، جزر القمر 17%،  لبيا 16%، البحرين 15%، الأردن 12%، سوريا 11%، قطر 10%، الكويت 6%، لبنان 5%، عُمان 2% ، اليمن 0%، فلسطين (الكوتا)،  والأحواز العربية (محتلة). 

هذا وكل مرة يصدر تقرير دولي يتعلق بوضع حقوقي في أي مجال كان، وخاصة بما يتعلق بالمرأة وحقوقها، تأتي منطقة الشرق الأوسط وشمالي أفريقيا في أدنى المستويات. فحسب تقرير الفجوة بين الجنسين (2015) الذي يصدره المنتدى الاقتصادي العالمي، جاءت منطقة الشرق الأوسط وشمالي أفريقيا في الترتيب الأخير من حيث مؤشرات مشاركة المرأة سياسياً وتمكينها. فحسب التقرير ، لا تتجاوز مشاركة المرأة 13% من مقاعد المجالس التشريعية ( البرلمان). وما وما وما زالت الحواجز الهيكلية مثل القوانين والمؤسسات التمييزية في معظم البلدان تقيَد خيارات المرأة للمشاركة في الحياة السياسية أو الترشيح لشغل مناصب رسمية. 

وأثبت نظام “الكوتا” أو الحصص لتعزيز التمكين للمرأة نجاحه على الأقل في زيادة نسبة تمثيل المرأة في البرلمان. وفي بلدان مثل تونس والمغرب ولبنان، كانت الحصص هي المحرك الرئيسي لتمثيل المرأة في المجلس التشريعي. في مصر مثلاً، بقي عدد النساء في البرلمان منخفضاً عند 2% باستثناء فترات أُعتمد فيها نظام الحصص في أعوام 1979،1984، و2010 و2020 . ومع هذه الأمثلة تثبت فائدة نظام “الكوتا”، إلا أن غياب البيئة المواتية للمشاركة السياسية الفعالة للمرأة سيستمر في الحد من عدد النساء في المشاركة السياسية. 

 عربياً، ماذا حققت المرأة بعد ثورات الربيع العربي؟

جاءت ثورات الربيع العربي والتي كان للمرأة مشاركة واسعة وملفتة فيها، حيث بان دورها الطليعي جنباً إلى جنب مع الرجل. هذه الثورات التي كانت ستشكل تحولاً كبيراً في مسيرة المرأة نحو الأمام لولا انقضاض السلطات الأمنية وقمعها  بشتى الوسائل التي أعاقت تحقيق الهدف بالتغيير  المنشود حيث المرأة جزء أساسي منه. فحضور المرأة في الثورات  التي أندلعت في بعض  الأقطار العربية (تونس، مصر، سوريا، العراق ، لبنان واليمن) كان لافتاً  رغم كل المعوقات وشمل كل الفئات ، طبيبة ومهندسة ومعلمة وعاملة وطالبة وربة منزل ، منهن من تعرضن للضرب والإعتقال (لبنان)، ومنهن من استشهدن وهن في صدارة الحراك ( العراق). وما يدعو للأسف أن الرياح جرت عكس ما تشتهي السفن، لأن الثورات العربية لم تحقق المُبتغى بسبب القمع  الذي مارسته القوى الأمنية والمليشياوية وبأشع صوره، وتداعيات وباء كورونا ، إضافة إلى الأحداث الأمنية والسياسية التي شهدتها بعض الأقطار العربية والتي أدت إلى تآكل الزخم وتلاشي الأهداف المستقبلية، حيث أمست الأولوية الملحة للأمن والسلامة ولقمة العيش في ظل ظروف اقتصادية غير مسبوقة (لبنان)،  وجلّ ما تم إنجازه هو بعض الخطوات التي تُعتبر خجولة أمام الأهداف الكبرى، على سبيل المثال لا الحصر، تعديل خجول لبعض القوانين المتعلقة بالتحرش الجنسي وجريمة الإغتصاب (تونس ، مصر) . 

بالنسية لدول الخليج العربي التي تشهد استقرارا سياسي واقتصادي وأمني،  سجلت خطوات متقدمة في إعطاء المرأة دور هام في الشأن العام، حيث شهدت مشاركة المرأة الشأن العام تحسنا ملحوظاً، ففي الإمارات أصبحت أمل القبيسي أول رئيسة لبرلمان عربي، وتعيين 7 وزيرات في أحدث تعديل وزاري، وفي السعودية التي كان محظور على المرأة المشاركة في العديد من المجالات،  لأول مرة كان للمرأة السعودية مشاركة في الانتخابات البلدية في كانون أول/ديسمبر 2021 وفازت الكثيرات منهن في المقاعد البلدية. 

ليس في الثامن من آذار فقط تعلو أصوات الحركات النسائية المطالبة بحقوق متساوية مع الرجل ، بل كل يوم وفي كل مناسبة يتجدد السعي والنضال الدؤوب لإعلاء شأن المرأة على كافة الصعد. ولكن حالياً لم تعد تشكل هذه القضية الإنسانية أولوية في ظل الظروف الصعبة (أمنية وسياسية واقتصادية) التي تواجهها بعض بلدان المنطقة العربية وشمالي أفريقيا، حيث صُوبت الأولويات إلى مواجهة المخاوف التي تطال أمن وسلامة البلاد والمواطنين على حد سواء. وهذا بدوره سيبطىء عجلة تحقيق الأهداف المنشودة للمرأة ، التي ستؤدي حتماً إلى تأخير وإعاقة تحقيق أهداف التنمية المُستدامة. 

ختاماً، وفي اليوم العالمي للمرأة، نتوجه بالتحية إلى كل نساء العالم، وإلى المرأة العربية بشكل خاص لنضالها المستميت وصبرها في سبيل نبل حقوقها المشورعة تساوياً مع الرجل من أجل مستقبل أفضل. 

وكما قال نابليون :” المرأة التي تهز السرير في يمينها، تهز العالم في يسارها”. فلتكن لها الفرصة! 

https://blogs.worldbank.org/ar/arabvoices.1.

https://www.unwomen.org/en/news-stories/announcement/2021/12/international-womens-day .2-2022-gender-equality-today-for-a-sustainable-tomorrow.

https://arabstates.unwomen.org/ar.3.

Exit mobile version